للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٥٣ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «ذَاكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ» ) . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٦٠٥٣ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ذَاكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ) . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى) : بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ: مَا كُنَّا نَظُنُّ (ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ) . أَيْ: مَاتَ عُمَرُ وَفِيهِ دَفْعُ تَوَهُّمِ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ تَغَيُّرٌ فِي آخِرِ عُمْرِهِ (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذَاكَ الرَّجُلُ إِشَارَةٌ إِلَى مُبْهَمٍ، وَالْقَصْدُ فِيهِ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيَتَحَرَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يَنَالَ تِلْكَ الدَّرَجَةَ، وَإِنَّمَا يُنَالُ بِتَوَخِّي الْعَمَلَ وَتَحَرِّي الْأَصْوَبَ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الدِّينِ، وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْمَبَرَّاتِ، وَلَمْ تُشَاهَدْ هَذِهِ الْخِلَالُ فِي أَحَدٍ كَمَا شُوهِدَ مِنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَوَّلِ حَالِهِ إِلَى مُنْتَهَاهُ، وَبِهَذَا الْقِيَاسِ ظَنُّوا أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ لَا غَيْرُهُ، وَنَحْوُهُ إِخْفَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي اللَّيَالِي، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ هُوَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَأَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْخُصُوصِ، وَيُؤَيِّدُ التَّقْرِيرَ الْأَوَّلَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَتْلُوهُ اهـ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الرَّجُلِ عُمَرَ مَظْنُونٌ فِيهِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، كَمَا تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الِانْعِقَادُ وَحَصَلَ بِهِ الِاعْتِمَادُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ أَفْضَلُ أَهْلِ زَمَانِهِ حَالَ خِلَافَتِهِ، فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ مِنْ أَصْلِهِ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ لَيْسَ مُبْهَمًا، بَلْ هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي سِيَاقِ حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ أَكْثَرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ عَنِ الدَّجَّالِ وَحَذَّرَنَا مِنْهُ، وَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللَّهُ آدَمَ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتُلَهَا فَيَنْشُرَهَا بِالْمِنْشَارِ حَتَّى يُلْقَى شِقَّتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا فَإِنَّمَا أَبْعَثُهُ الْآنَ، ثُمَّ لَمْ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ فَيَقُولُ لَهُ الْخَبِيثُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ وَأَنْتَ عَدُوُّ اللَّهِ، أَنْتَ الدَّجَّالُ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَشَدَّ بَصِيرَةً بِكَ مِنَ الْيَوْمِ» ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّنَافِسِيُّ: فَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ حَدِيثًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ذَاكَ الرَّجُلُ أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ) قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ اهـ. سِيَاقُ ابْنِ مَاجَهْ فَانْظُرْ وَتَأَمَّلْ سِيَاقَ الْمُصَنِّفِ الْحَدِيثَ وَاخْتِصَارَهُ، حَتَّى لَمْ يُفْهَمِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ، ذَكَرَهُ مَيْرَكُ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا إِلَخْ. مَعْنَاهُ أَنَّا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي يُقْتَلُ عَلَى يَدِ الدَّجَّالِ هُوَ عُمَرُ حَتَّى مَاتَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ أَفْضَلِيَّةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَيُدْفَعُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي زَمَانِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الْجَزَرِيِّ فِي بَابِ الْعَلَامَاتِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمَقْتُولَ عَلَى يَدِ الدَّجَّالِ هُوَ الْخَضِرُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَا إِشْكَالَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَبِيٌّ كَمَا هُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>