مَالِكٍ قَالَ: «خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يَا أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَنْزِلِ الْقَضَاءُ " ثُمَّ خَطَبَهَا عُمَرُ مَعَ عِدَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كُلُّهُمْ يَقُولُ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقِيلَ لِعَلِيٍّ: لَوْ خَطَبْتَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاطِمَةَ عَسَى أَنْ يُزَوِّجَكَهَا. قَالَ: وَكَيْفَ وَخَطَبَهَا أَشْرَافُ قُرَيْشٍ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا؟ فَخَطَبَهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَقَدْ أَمَرَنِي رَبِّي بِذَلِكَ ". قَالَ أَنَسٌ: ثُمَّ دَعَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَ لِي: يَا أَنَسُ اخْرُجْ وَادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَبِعِدَّةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ، وَكَانَ عَلِيٌّ غَائِبًا فِي حَاجَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودِ بِنِعْمَتِهِ، الْمَعْبُودِ بِقُدْرَتِهِ، الْمُطَاعِ بِسُلْطَانِهِ، الْمَرْهُوبِ مِنْ عَذَابِهِ وَسَطْوَتِهِ، النَّافِذِ أَمْرِهِ فِي سَمَائِهِ وَأَرْضِهِ الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ وَمَيَّزَهُمْ بِأَحْكَامِهِ وَأَعَزَّهُمْ بِدِينِهِ وَأَكْرَمَهُمْ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ وَعَظْمَتُهُ جَعَلَ الْمُصَاهَرَةَ سَبَبًا لَاحِقًا وَأَمْرًا مُفْتَرَضًا، أَوَشَجَ بِهِ الْأَرْحَامَ وَأَلْزَمَهُ لِلْأَنَامِ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان: ٥٤] فَأَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَجْرِي إِلَى قَضَائِهِ وَقَضَاؤُهُ يَجْرِي إِلَى قَدَرِهِ، وَلِكُلِّ قَضَاءٍ قَدَرٌ، وَلِكُلِّ قَدَرٍ أَجَلٌ، وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ خَدِيجَةَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَاشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ إِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " ثُمَّ دَعَا بِطَبَقٍ مِنْ بُسْرٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِينَا ثُمَّ قَالَ " انْهَبُوا " فَنَهَبْنَا فَبَيْنَا نَحْنُ نَنْهَبُ إِذْ دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فَاطِمَةَ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ إِنْ رَضِيتَ بِذَلِكَ " فَقَالَ: قَدْ رَضِيتُ بِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ: فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَكُمَا وَأَسْعَدَ جَدَّكُمَا وَبَارَكَ عَلَيْكُمَا وَأَخْرَجَ مِنْكُمَا كَثِيرًا طَيِّبًا قَالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَخْرَجَ مِنْهُمَا كَثِيرًا طَيِّبًا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute