٦١١٥ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٦١١٥ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لِكُلِّ أُمَّةٍ ") : وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ (أَمِينٌ) ، أَيْ: ثِقَةٌ وَمُعْتَمَدٌ وَمَرَضِيٌّ (" وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ") : وَفِي رِوَايَةٍ: وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ (" أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ") . بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالْأَمَانَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ لِغَلَبَتِهَا فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ، وَقِيلَ لِكَوْنِهَا غَالِبَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَائِرِ صِفَاتِهِ، وَأَخْرَجَ أَبُو حُذَيْفَةَ فِي فُتُوحِ الشَّامِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا تُوُفِّيَ وَخَالِدٌ عَلَى الشَّامِ وَالِيًا، وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِالْوِلَايَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَعَزَلَ خَالِدًا، فَكَتَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْكِتَابَ مِنْ خَالِدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى انْقَضَتِ الْحَرْبُ، وَكَتَبَ خَالِدٌ الْأَمَانَ لِأَهْلِ دِمَشْقَ وَأَبُو عُبَيْدَةَ الْأَمِيرُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ. ثُمَّ لَمَّا عَلِمَ خَالِدٌ بِذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ نَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً دَخَلَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ جَاءَكَ كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْوِلَايَةِ فَلَمْ تُعْلِمْنِي وَتُصَلِّي خَلْفِي وَالسُّلْطَانُ سُلْطَانُكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ مَا كُنْتُ لِأُعْلِمَكَ حَتَّى تَعْلَمَهُ مِنْ غَيْرِي، وَمَا كُنْتُ لِأَكْسِرَ عَلَيْكَ حَرْبَكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَقَدْ كُنْتُ أُعْلِمُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا سُلْطَانُ الدُّنْيَا أُرِيدُ، وَلَا لِلدُّنْيَا أَعْمَلُ، وَإِنَّ مَا تَرَى سَيَصِيرُ إِلَى زَوَالٍ وَانْقِطَاعٍ، وَإِنَّمَا نَحْنُ أَخَوَانِ وَقُوَّامٌ بِأَمْرِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَمَا يَضُرُّ الرَّجُلَ أَنْ يَلِيَ عَلَيْهِ أَخُوهُ فِي دِينِهِ وَلَا دُنْيَاهُ، بَلْ يَعْلَمُ أَنَّ الْوَالِيَ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ أَدْنَاهُمَا إِلَى الْفِتْنَةِ وَأَوْقَعَهُمَا فِي الْحِطَّةِ لِمَا تَعَرَّضَ مِنَ الْهَلَكَةِ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، فَدَفَعَ أَبُو عُبَيْدَةَ عِنْدَ ذَلِكَ الْكِتَابَ إِلَى خَالِدٍ، وَتُوُفِّيَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْأُرْدُنِّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ كُورَةٌ بِأَعْلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَمِينًا وَأَمِينِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» وَعَنْ حُذَيْفَةَ: «جَاءَ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْعَثْ مَعَنَا أَمِينَكَ، فَقَالَ: " سَأَبْعَثُ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ " فَتَشَرَّفَتْ لَهَا النَّاسُ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ» . أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ. وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: «لَمَّا جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ أَرَادَا أَنْ يُلَاعِنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تُلَاعِنْهُ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا وَلَاعَنَّاهُ لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا أَبَدًا. قَالَ: فَأَتَيَاهُ فَقَالَا: لَا نُلَاعِنُكَ، وَلَكِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَ؛ فَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " سَأَبْعَثُ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ " قَالَ: فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ " فَلَمَّا قَفَّى قَالَ: " هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ، مَكَانَ قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ، وَمِنْ كَلَامِهِ: بَادِرُوا السَّيِّئَاتِ الْقَدِيمَاتِ بِالْحَسَنَاتِ الْحَادِثَاتِ، وَإِلَّا رُبَّ مُبَيِّضٍ لِثِيَابِهِ مُدَنِّسٍ لِدِينِهِ، وَإِلَّا رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِينٌ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْفِهْرِيُّ الْقُرَشِيُّ، أَسْلَمَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ، وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَنَزَعَ الْحَلْقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَخَلَتَا فِي وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ حَبْقِ الْمِغْفَرِ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، كَانَ طُوَالًا مَعْرُوقَ الْوَجْهِ خَفِيفَ اللِّحْيَةِ، مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمْوَاسٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ بِالْأُرْدُنِّ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، وَدُفِنَ بِبَنْيَانَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، يَلْتَقِي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute