للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَفِي رِوَايَةٍ: " مَنْ سَرَّهُ لَا) ، أَيْ: أَحَبَّهُ وَأَعْجَبَهُ وَأَفْرَحَهُ (" أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَهِيدٍ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) : وَكَانَ طَلْحَةُ قَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وِقَايَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَقُولُ: عُقِرْتُ يَوْمَئِذٍ فِي سَائِرِ جَسَدِي حَتَّى عُقِرْتُ فِي ذَكَرِي، وَكَانَتِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إِذَا ذَكَرُوا يَوْمَ أُحُدٍ قَالُوا ذَاكَ يَوْمٌ كَانَ كُلُّهُ لِطَلْحَةَ. وَأَقُولُ: الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إِيمَاءً إِلَى حُصُولِ الشَّهَادَةِ فِي مَآلِهِ الدَّالَّةِ عَلَى حُسْنِ خَاتِمَتِهِ وَكَمَالِهِ، وَفِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ: قَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو حَفْصٍ السُّهْرَوَرْدِيُّ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مُغْنِيًا بِهِ التَّعْبِيرُ بِالْحَالِ عَنِ الْمَآلِ، بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ فِي مَعْنَاهُ جَلِيٌّ مِنْ حَيْثُ فَحْوَاهُ، إِذِ الْمَوْتُ عِبَارَةٌ عَنِ الْغَيْبُوبَةِ عَنْ عَالَمِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ كَانَ هَذَا حَالَهُ مِنَ الِانْجِذَابِ بِكُلِّيَّتِهِ إِلَى عَالَمِ الْمَلَكُوتِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ إِحْكَامِ الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ كَمَالِ التَّقْوَى وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالْخُرُوجِ مِنَ الِارْتِهَانِ بِنَظَرِ الْخَلْقِ، وَامْتِطَاءِ صَهْوَةِ الْإِخْلَاصِ، وَكَمَالِ الشُّغْلِ بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِتَنَاوُبِ أَعْمَالِ الْقَلْبِ وَالْقَالَبِ وَصِدْقِ الْعَزِيمَةِ فِي الْعُزْلَةِ، وَاغْتِنَامِ الْوِحْدَةِ وَالْفِرَارِ عَنْ مُسَاكَنَةِ الْأُنْسِ بِالْجُلَسَاءِ وَالْإِخْوَانِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . وَوَافَقَهُ الْحَاكِمُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِلَفْظِ: مَنْ أَحَبَّ بَدَلَ مَنْ سَرَّهُ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ: «طَلْحَةُ شَهِيدٌ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ» ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عَائِشَةَ: طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ. وَفِي الرِّيَاضِ، «عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: " طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ. «وَعَنْ طَلْحَةَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا لِأَعْرَابِيٍّ جَاهِلٍ: سَلْهُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ مَنْ هُوَ، وَكَانُوا لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَى مُسَاءَلَتِهِ يُوَقِّرُونَهُ وَيَهَابُونَهُ، فَسَأَلَهُ الْأَعْرَابِيُّ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ إِنِّي اطَّلَعْتُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ وَعَلَيَّ ثِيَابٌ خُضْرٌ، فَلَمَّا رَآنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ عَمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ؟ " قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ أَخْرَجَهُ» التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَفِي الرِّيَاضِ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَلَدَهُ، وَهُوَ السَّجَّادُ سُمِّيَ بِهِ لِكَثْرَةِ عِبَادَتِهِ، وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمَّوْهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّوْهُ أَبَا الْقَاسِمِ، فَقِيلَ: إِنَّ النَّبِيَّ سَمَّاهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّاهُ أَبَا سُلَيْمَانَ وَقَالَ: (لَا أَجْمَعُ بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا مَرَّ بِهِ قَتِيلًا فَقَالَ: هَذَا السَّجَّادُ قَتَلَهُ بِرُّهُ بِأَبِيهِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>