٦١٣٦ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلَيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الفاتحة: ٣٣ - ٣١٣٤٥] » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٦١٣٦ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةً) ، أَيْ: صَبَاحًا وَفِي رِوَايَةٍ: ذَاتَ غَدَاةٍ (وَعَلَيْهِ مِرْطٌ) : بِكَسْرِ مِيمٍ وَسُكُونِ رَاءٍ، كِسَاءٌ يَكُونُ مِنْ خَزٍّ وَصُوفٍ فِيهِ عَلَمٌ (مُرَحَّلٌ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ، ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ تَصَاوِيرِ الرَّحْلِ، كَذَا ذَكَرَهُ شَارِحٌ، وَرُوِيَ بِجِيمٍ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ صُورَةُ الْمَرَاجِلِ بِمَعْنَى الْقُدُورِ (مِنْ شَعْرٍ) : بِفَتْحِ عَيْنٍ وَيُسَكَّنُ (أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ) ، أَيْ تَحْتَ الْمِرْطِ بِالْأَمْرِ أَوِ الْفِعْلِ، وَفِي رِوَايَةٍ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ (ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ) ، أَيْ بِإِدْخَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ لِصِغَرِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ (ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا) أَيْ فِيهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ (ثُمَّ جَاءَ عَلَيٌّ فَأَدْخَلَهُ) ، أَيْ: فِيهِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ (ثُمَّ قَالَ) ، أَيْ: قَرَأَ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [الفاتحة: ٣٣ - ٣١٣٢٣] أَيِ الْإِثْمَ وَكُلَّ مَا يُسْتَقْذَرُ مُرُوءَةً (أَهْلَ الْبَيْتِ) نُصِبَ عَلَى النِّدَاءِ أَوِ الْمَدْحِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِقَوْلِهِ: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: ٣٢] وَمَلْحُوقٌ بِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: ٣٤] فَضَمِيرُ الْجَمِيعِ إِمَّا لِلتَّعْظِيمِ أَوْ لِتَغْلِيبِ ذُكُورِ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ. {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣] مِنَ التَّلَوُّثِ بِالْأَرْجَاسِ وَالْأَدْنَاسِ الْمُبْتَلِي بِهَا أَكْثَرَ النَّاسِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: اسْتَعَارَ لِلذَّنْبِ الرِّجْسَ، وَلِلتَّقْوَى الطُّهْرَ، لِأَنَّ غَرَضَ الْمُقْتَرِفِ لِلْمُقَبَّحَاتِ أَنْ يَتَلَوَّثَ بِهَا وَيَتَدَنَّسَ كَمَا يَتَلَوَّثُ بَدَنُهُ بِالْأَرْجَاسِ، وَأَمَّا الْمُحَسِّنَاتُ فَالْغَرَضُ مِنْهَا نَقِيٌّ مَصُونٌ كَالثَّوْبِ الطَّاهِرِ، وَفِي هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ مَا يُنْفِّرُ أُولِي الْأَلْبَابِ عَمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِعِبَادِهِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْهُ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيمَا رَضِيَهُ لَهُمْ وَأَمَرَهُ بِهِ، وَسَيَأْتِي تَرَاجِمُ الْحَسَنَيْنِ وَأُمِّهِمَا فِي مِحَالِّهَا الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ وَاثِلَةَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَأَهْلُ بَيْتِي أَحَقُّ. وَفِي الرِّيَاضِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ سَعْدًا أَنْ يَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ فَقَالَ: أَمَا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَنْ أَسُبَّهُ لِأَنْ يَكُونَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهُ، وَخَلَفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ عَلِيٌّ: تُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» " وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: " لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ " وَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} [آل عمران: ٦١] " دَعَا رَسُولُ اللَّهِ " عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَقَالَ: " «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي» " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ كِسَاءً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute