للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَفِي رِوَايَةٍ: عَلِّمْهُ الْكِتَابَ) ، أَيْ: عَلِّمْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:

جَمِيعُ الْعِلْمِ فِي الْقُرْآنِ لَكِنْ ... تَقَاصَرَ عَنْهُ أَفْهَامُ الرِّجَالِ

وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ فَسَّرَ الْحِكْمَةَ بِعِلْمِ الْكِتَابِ، وَلِذَا يُقَالُ لِابْنِ عَبَّاسٍ تَرْجُمَانُ الْكِتَابِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِالْحِكْمَةِ السُّنَّةَ. قَالَ تَعَالَى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: ١٢٩] قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنْ يُرَادَ بِالْكِتَابِ لَفْظُهُ وَقِرَاءَتُهُ، وَبِالْحِكْمَةِ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهِ وَتَبْيِينُ آيَاتِهِ، فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مَشْهُورًا بِالْعِلْمَيْنِ، أَعْنِي الْقِرَاءَةَ وَالتَّفْسِيرَ عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْحِكْمَةِ بِالسُّنَّةِ فِي الْآيَةِ لِوُقُوعِهَا عَطْفًا عَلَى الْكِتَابِ، وَالْأَصْلُ التَّغَايُرُ فِي الْعَطْفِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ دَعَا لَهُ بِالْفِقْهِ أَيْضًا، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أُصُولًا وَفُرُوعًا، فَهُوَ جَامِعُ الْعُلُومِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: عَشْرٌ، كَانَ حَبْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَعَالِمَهَا، دَعَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِكْمَةِ وَالْفِقْهِ وَالتَّأْوِيلِ، وَرَأَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرَّتَيْنِ، وَكُفَّ بَصَرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَمَاتَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ فِي أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>