٦٢٠٢ - وَعَنْ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتَّةَ نَفَرٍ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اطْرُدْ هَؤُلَاءِ لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا. قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ. وَبِلَالٌ وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢] » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٦٢٠٢ - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) : أَحَدُ الْعَشَرَةِ (قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتَّةَ نَفَرٍ) ، أَيْ أَشْخَاصٍ (فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ) ، أَيْ: مِنْ أَكَابِرِ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ (لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اطْرُدْ) ، أَيْ: أَبْعِدْ عَنْ حَضْرَتِكَ (هَؤُلَاءِ) ، أَيِ: الْمَوَالِيَ وَالْفُقَرَاءَ (لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا) . أَيْ لَا يَكُونُ لَهُمْ جَرَاءَةٌ عَلَيْنَا فِي مُخَاطَبَتِهِمْ بِنَا إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ نُؤْمِنَ بِكَ وَنَدْخُلَ عَلَيْكَ (قَالَ) ، أَيْ: سَعْدٌ (وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ) . بِالتَّصْغِيرِ (وَبِلَالٌ وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا) ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَجُوِّزَ تَخْفِيفُهَا أَيْ لَا أَتَذَكَّرُهُمَا. قَالَ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ: وَرَجُلَانِ خَبَّابٌ وَعَمَّارٌ، وَإِنَّمَا قَالَ: لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا لِمَصْلَحَةٍ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ، وَقِيلَ: لِلنِّسْيَانِ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى اللَّفْظِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيَّ، وَإِنَّمَا لَحِقَهُ سِبَاءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاشْتَرَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خُزَاعَةَ وَأَعْتَقَتْهُ، أَسْلَمَ قَبْلَ دُخُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الْأَرْقَمِ، وَهُوَ مِمَّنْ عُذِّبَ فِي اللَّهِ عَلَى إِسْلَامِهِ فَصَبَرَ، نَزَلَ الْكُوفَةَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ (فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ) ، أَيْ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى طَرْدِهِمْ طَمَعًا فِي إِسْلَامِ الْأَكَابِرِ الْمُتَفَرِّعِ عَلَيْهِ إِسْلَامُ الْكُلِّ بَعْدَهُمْ (فَحَدَّثَ نَفْسَهُ) ، أَيْ لِلتَّآلُفِ بِهِمْ أَنْ يَطْرُدَهُمْ صُورَةً بِأَنْ لَا يَأْتُوهُ حَالَ وُجُودِ الْأَكَابِرِ عِنْدَهُ، أَوْ يَقُومُوا عَنْهُ إِذَا هُمْ جَلَسُوا عِنْدَهُ مُرَاعَاةً لِلْجَانِبَيْنِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ طَرَدْتَ هَؤُلَاءِ جَلَسْنَا إِلَيْكَ وَحَدَّثْنَاكَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ " قَالُوا: فَأَقِمْهُمْ عَنَّا إِذَا جِئْنَا. قَالَ: " نَعَمْ " طَمَعًا فِي إِيمَانِهِمْ. (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى) ، أَيْ: عِتَابًا لِسَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ} [الأنعام: ٥٢] : بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالدَّالِ بَعْدَهُ أَلِفٌ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ، وَفِي قِرَاءَةٍ بِضَمٍّ وَسُكُونٍ وَفَتْحِ وَاوٍ وَالْعَشِيِّ: أُرِيدَ بِهِمَا طَرَفَا النَّهَارِ أَوِ الْمَلَوَانِ {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢] جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ يُرِيدُونَ بِعِبَادَتِهِمْ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى أَشْيَاءَ أُخَرَ مِنْ أَغْرَاضِ الدُّنْيَا. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute