وَلَدِي مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ، أَيْ: ذُكُورٌ إِلَّا بِنْتَيْنِ عَلَى مَا قِيلَ، وَإِنَّ أَرْضِي لَتُثْمِرُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِهِ: أَنَسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ الْخَزْرَجِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو حَمْزَةَ، قَدِمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَانْتَقَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ لِيُفَقِّهَ النَّاسَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ مِائَةٌ وَثَلَاثُ سِنِينَ، وَقِيلَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ لَهُ مِائَةُ وَلَدٍ، وَقِيلَ ثَمَانُونَ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ ذَكَرًا وَاثْنَتَانِ أُنْثَى، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِظَاهِرِهِ يُخَالِفُ هَذَا النَّقْلَ، وَكَذَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى مَجْمُوعِ أَوْلَادِهِ، وَأَوْلَادِهِمْ يَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْمِائَةِ لَا أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْعِبَادِ وَالْمُرَادِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ يُفَضِّلُ الْغِنَى عَلَى الْفَقْرِ، وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ قَدْ بَارَكَ فِيهِ، وَمَنْ بَارَكَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فِتْنَةٌ، فَلَمْ يَحْصُلْ بِسَبَبِهِ ضَرَرٌ وَلَا تَقْصِيرٌ فِي أَدَاءِ حَقِّ اللَّهِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ أَنَّهُ إِذَا دُعِيَ بِشَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا يَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ إِلَى دُعَائِهِ طَلَبَ الْبَرَكَةِ فِيهِ وَالصِّيَانَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ دَفَنَ مِنْ أَوْلَادِهِ قَبْلَ مَقْدَمِ الْحَجَّاجِ مِائَةً وَعِشْرِينَ. قُلْتُ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِأَوْلَادِهِ الْمَعْنَى الْأَعَمَّ الشَّامِلَ لِلصُّلْبِ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَذَكَرَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ أَيْضًا إِذِ الْمَقَامُ يَقْتَضِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute