٦٢٢٢ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الْأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَلْيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٦٢٢٢ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ) ، أَيْ: مِنْ حُجْرَتِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى مِشْيَتِهِ (حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ) ، أَيْ: عَلَى مَا وَجَدَ مِنَ النِّعْمَةِ لَدَيْهِ (وَأَثْنَى عَلَيْهِ) ، أَيْ: بِمَا أَلْهَمَهُ إِلَيْهِ (ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ ") ، أَيْ: بَعْدَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ (" فَإِنَّ النَّاسَ ") ، أَيْ: أَهْلَ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ خُلَاصَةُ النَّاسِ (" يَكْثُرُونَ ") : بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ إِخْبَارٌ بِالْغَيْبِ (" وَيَقِلُّ الْأَنْصَارُ ") : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: لِأَنَّ الْأَنْصَارَ هُمُ الَّذِينَ آوَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَصَرُوهُ فِي حَالِ الضَّعْفِ وَالْعُسْرَةِ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدِ انْقَضَى زَمَانُهُ لَا يَلْحَقُهُمُ اللَّاحِقُ وَلَا يُدْرِكُ شَأْوَهُمُ السَّابِقُ، فَكُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ وَاحِدٌ مَضَى مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ فَيَكْثُرُ غَيْرُهُمْ وَيَقِلُّونَ. (" حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ ") ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمِلْحَ بِوَصْفِ الْقِلَّةِ سَبَبٌ لِكَمَالِ الطَّعَامِ فِي اللَّذَّةِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ تُؤَيِّدُ مَا قَالَ الطِّيبِيُّ. وَهَذَا الْمَعْنَى أَيِ: التَّقْلِيلُ قَائِمٌ فِي حَقِّ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَعَلَّ الْحَمْلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَأَوْلَادَهُمْ كَثَرُوا وَتَبَسَّطُوا فِي الْبِلَادِ وَانْتَشَرُوا فِيهَا وَمَلَكُوهَا، بِخِلَافِ الْأَنْصَارِ. انْتَهَى. وَهَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فِي الْأَشْرَافِ وَالْعَلَوِيِّينَ وَالْعَبَّاسِيَّةِ وَبَنِي خَالِدٍ وَأَمْثَالِهِمْ (" فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ ") : بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ لَامٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ أَيْ: مَنْ تَوَلَّى مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمُهَاجِرُونَ مَثَلًا (" شَيْئًا ") : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ وَأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ مَصْدَرٍ أَيْ: قَلِيلًا مِنَ الْوِلَايَةِ، وَقَوْلُهُ: (" يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا ") ، أَيْ: مُسِيئِينَ (" وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ ") ، أَيْ: مُحْسِنِينَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (" فَلْيَقْبَلْ ") ، أَيِ: الْمُتَوَلِّي مِنْكُمْ (" مِنْ مُحْسِنِهِمْ ") ، أَيْ: إِحْسَانَهُمْ (" وَلْيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ ") ، أَيْ: إِسَاءَتِهُمْ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute