٦٢٢٩ - وَعَنْهُ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يَصْعَدِ الثَّنِيَّةَ ثَنِيَّةَ الْمُرَارِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ، ثُمَّ تَتَامَّ النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ; لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنِ أَقْرَأَ عَلَيْكَ فِي بَابٍ بَعْدَ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ» .
ــ
٦٢٢٩ - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ جَابِرٍ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ يَصْعَدِ الثَّنِيَّةَ ") : بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى أَنَّهُ مَجْزُومٌ حُرِّكَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالثَّنِيَّةُ هِيَ الطَّرِيقُ الْعَالِي فِي الْجَبَلِ، وَقَوْلُهُ: (" ثَنِيَّةَ الْمُرَارِ ") : بِالنَّصْبِ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، وَالْمُرَارُ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ، وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْحُدَيْبِيَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا حَثَّهُمْ عَلَى صُعُودِهَا لِأَنَّهَا عَقَبَةٌ شَاقَّةٌ وَصَلُوا إِلَيْهَا لَيْلًا حِينَ أَرَادُوا مَكَّةَ سَنَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَرَغَّبَهُمْ فِي صُعُودِهَا بِقَوْلِهِ: (" فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُوضَعُ عَنْهُ (" مَا حُطَّ ") ، أَيْ: مِثْلَ مَا وُضِعَ (" عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ") ، أَيْ: لَوْ قَالُوا مَا أُمِرُوا بِهِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: ٥٨] أَيْ حُطَّ عَنَّا ذُنُوبَنَا حِطَّةً (فَكَانَ) : بِالْفَاءِ وَفِي نُسْخَةٍ وَكَانَ (أَوَّلَ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا) : بِالرَّفْعِ وَأُبْدِلَ مِنْهُ (خَيْلُ بَنِي الْحَزْرَجِ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ خَيْلُنَا أَوَّلَ خَيْلِ مَنْ صَعِدَهَا (ثُمَّ تَتَامَّ) : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ تَفَاعَلَ مِنَ التَّمَامِ أَيْ تَتَابَعَ النَّاسُ وَجَاءُوا كُلُّهُمْ وَتَمُّوا. وَالْمَعْنَى صَعِدَ الثَّنِيَّةَ كُلُّهُمْ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ» ") : وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ رَئِيسُ الْمُنَافِقِينَ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ نَحْوُ جَاءَ الْقَوْمُ إِلَّا حِمَارًا (فَأَتَيْنَا، فَقُلْنَا تَعَالَ) ، أَيْ: إِلَى الْحَضْرَةِ الْعَلِيَّةِ (يَسْتَغْفِرْ) : بِالْجَزْمِ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ، فَالتَّقْدِيرُ لِأَنْ يَسْتَغْفِرَ (لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي) ، أَيْ: مِنْ جَمَلٍ أَوْ خَيْلٍ (أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ) . وَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ مِنْهُ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ - سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: ٥ - ٦] (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
(وَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ قَالَ) ، أَيِ: النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: " إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ ") ، أَيِ: الْقُرْآنَ قِرَاءَةَ الْمُعَلِّمِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ تَعْلِيمًا لَهُ، وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيمَةٌ وَمَرْتَبَةٌ جَسِيمَةٌ حَيْثُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَتَعْظَّمَ ذِكْرُهُ مَيَّزَهُ عَنْ أَقْرَانِهِ بِإِقْرَاءِ حَبِيبِهِ عَلَيْهِ لِيَكُونَ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ رَئِيسُ الْقُرَّاءِ (فِي بَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ) . مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ذَكَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute