٥٢٣ - وَعَنْهُ، قَالَ: «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ــ
٥٢٣ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنِ الْمُغِيرَةِ (قَالَ: «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» ) أَيْ: وَنَعْلَيْهِمَا، فَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِمَا، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ مِنْ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " وَالنَّعْلَيْنِ " هُوَ أَنْ يَكُونَ قَدْ لَبِسَ النَّعْلَيْنِ فَوْقَ الْجَوْرَبَيْنِ، وَقَدْ أَجَازَ الْمَسْحَ فَوْقَ الْجَوْرَبَيْنِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْهُمْ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَرْوِيَ الْمُغِيرَةُ اللَّفْظَيْنِ، وَقَدْ عَضَّدَهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُمَامَةَ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْجِلْدُ أَعْلَاهُمَا وَأَسْفَلَهُمَا، أَوْ مُنَعَّلَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْجِلْدُ أَسْفَلَهُمَا فَقَطْ، أَوْ ثَخِينَيْنِ مُسْتَمْسِكَيْنِ عَلَى السَّاقِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَكَذَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوقَيْنِ تَثْنِيَةُ الْمُوقِ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَهُوَ الْجُرْمُوقُ كَعُصْفُورٍ، مَا يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ، وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ: لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْغَالِبِ، فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الرُّخْصَةُ، وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ: «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ سَأَلَ بِلَالًا عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَانَ يَخْرُجُ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ فَآتِيهِ بِالْمَاءِ فَيَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَمُوقَيْهِ» ؛ وَلِأَنَّ الْمُوقَ لَا يُلْبَسُ بِدُونِ الْخُفِّ عَادَةً فَأَشْبَهَ خُفَّا ذَا طَاقَيْنِ (وَأَبُو دَاوُدَ) وَضَعَّفَهُ (وَابْنُ مَاجَهْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute