مِنْ غَيْرِهِ وَيَمْنَعُهُ عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالِانْقِيَادِ (" فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ ") وَفِي مَعْنَاهَا الْخَيْلُ، بَلْ هِيَ أَدْهَى بِالْوَيْلِ، وَسَيَأْتِي الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ: (" وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ ") ، أَيِ: التَّأَنِّي وَالْحِلْمُ وَالْأُنْسُ (" فِي أَهْلِ الْغَنَمِ ") . قَالَ الْقَاضِي: تَخْصِيصُ الْخُيَلَاءِ بِأَصْحَابِ الْإِبِلِ، وَالْوَقَارُ بِأَهْلِ الْغَنَمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُخَالَطَةَ الْحَيَوَانِ تُؤَثِّرُ فِي النَّفْسِ وَتُعَدِّي إِلَيْهَا هَيْئَاتٍ وَأَخْلَاقًا تُنَاسِبُ طِبَاعَهَا وَتُلَائِمُ أَحْوَالَهَا، قُلْتُ: وَلِهَذَا قِيلَ الصُّحْبَةُ تُؤَثِّرُ فِي النَّفْسِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَيْضًا وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ رَعَى الْغَنَمَ، وَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ وَرَابِطَةُ النِّظَامِ بَيْنَ فُصُولِ الْحَدِيثِ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ يَغْلِبُ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانُ وَالْحِكْمَةُ، كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْإِبِلِ يَغْلِبُ عَلَيْهِمُ الْفَخْرُ، وَأَهْلُ الْغَنَمِ يَغْلِبُ عَلَيْهِمُ السُّكُونُ، فَمَنْ أَرَادَ صُحْبَةَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْعِرْفَانِ، فَعَلَيْهِ بِمُصَاحَبَةِ نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى وَجْهِ الْإِيمَانِ قَالَ تَعَالَى: "؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩] (وَفِيهِ إِشْعَارٌ إِلَى إِظْهَارِ مُعْجِزَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْيَمَنِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ مَعَ قِلَّةِ أَهْلِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَطْرَافِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ فَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَثْرَةِ خَلَائِقِهِمْ قَلِيلُونَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَفِي الْجَامِعِ: " الْإِيمَانُ يَمَانٍ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ»
".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute