يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي التَّيَمُّمِ بِمَسْحِ الْيَدَيْنِ إِلَى الْكُوعَيْنِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ إِلَى ظَاهِرِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَفَّيْنِ أَصَحُّ رِوَايَةً، وَوُجُوبُ مَسْحِ الذِّرَاعَيْنِ أَشْبَهُ بِالْأُصُولِ، وَأَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ اهـ.
أَيْ: لِأَنَّهُ بَدَلٌ، فَأُعْطِيَ حُكْمَ مُبْدَلِهِ، وَبِهِ يَعْتَضِدُ الْخَبَرُ الْمَوْقُوفُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ ظَاهَرُ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اشْتِرَاطُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ ; لِأَنَّهُ أَصْلُهُ، وَيُؤَيِّدُنَا مَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: " «إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا "، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ نَفَضَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ وَجْهَهُ» اهـ. فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ التَّرْتِيبِ، وَاحْتِمَالُ أَنَّ ثُمَّ بِمَعْنَى الْوَاوِ بَعِيدٌ جِدًّا (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ) : أَيْ: مَعْنَاهُ (وَفِيهِ) : أَيْ: فِي مُسْلِمٍ، أَوْ فِي نَحْوِهِ (قَالَ) : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ، ثُمَّ تَنْفُخُ، ثُمَّ تَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ» ) : وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَمَعَ فِي التَّعْلِيمِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ ; تَأْكِيدًا لِلْإِعْلَامِ؛ وَتَنْبِيهًا عَلَى الِاهْتِمَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute