للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنْ كَانَ عَلَى رَأْسِ الْوَاقِفِ (فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ) : مِنْ أَيَّامِ الْجُمُعَةِ (وَعَرِقَ النَّاسُ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، أَوْ عَطْفٌ عَلَى فَخَرَجَ (فِي ذَلِكَ الصُّوفِ) : أَيِ: الَّذِي يَعْمَلُونَهُ عَلَى ظُهُورِهِمْ حِينَ لُبْسِهِ (حَتَّى ثَارَتْ) : أَيْ: انْتَشَرَتْ (مِنْهُمْ رِيَاحٌ، آذَى بِذَلِكَ) أَيْ: بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْعَرَقِ وَالرِّيَاحِ (بَعْضُهُمْ بَعْضًا) : وَتَأَذَّى الْكُلُّ (فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الرِّيَاحَ) : أَيْ: أَحَسَّهَا أَوْ وَجَدَ أَثَرَهَا وَتَأْثِيرَهَا مِنَ الْأَذَى (قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ ") : أَيْ: يَا أَيُّهَا كَمَا فِي نُسْخَةٍ (" إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ ") إِشَارَةٌ إِلَى الْجِنْسِ، أَوِ الْمُرَادُ مِثْلُ هَذَا الْيَوْمِ (" فَاغْتَسِلُوا ") : أَيْ: لِحُضُورِ الْجُمُعَةِ (وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ) : بِسُكُونِ اللَّامِ وَيَجُوزُ كَسْرِهَا، وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَالسِّينِ (أَفْضَلَ مَا يَجِدُ) : أَيْ أَحْسَنَهُ (مِنْ دَهْنِهِ) : أَيْ: لِشَعْرِهِ (وَطِيبِهِ) : أَيْ: لِسَائِرِ بَدَنِهِ. وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ؛ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُرِدْ مُجَرَّدَ الدُّهْنِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الدُّهْنَ الْمُطَيِّبَ، فَإِنَّهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْعَامِّ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْخَاصِّ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كَالْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كَانَ يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ» ، وَرِوَايَةُ خِلَافِهِ عَنِ ابْنَيْ عُمَرَ وَعَبَّاسٍ بَاطِلَةٌ اهـ.

وَهُوَ كَلَامٌ مُوهِمٌ مُخَالِفٌ لِلْأَدَبِ، فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِهِ سَنَدَ الرِّوَايَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ بَيَانُهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا فَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى بُطْلَانِهِ، بَلْ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ تُفْعَلُ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ قَيَّدُوهَا مِمَّا قَبْلَ الصَّلَاةِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ مِنَ الدَّلِيلِ النَّقْلِيِّ أَوِ الْعَقْلِيِّ وَكَلَامُهُمْ غَيْرُ حُجَّةٍ عَلَيْهِمَا. (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) : أَعَادَهُ لِطُولِ الْكَلَامِ (ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ) : أَيِ: الْمَالِ أَوِ الرَّفَاهِيَةِ، عَطْفٌ عَلَى أَوَّلِ الْقِصَّةِ، وَهُوَ " كَانَ النَّاسُ " أَوْ عَلَى " بَدْءِ الْغُسْلِ " وَآثَرَ ثُمَّ لِدَلَالَتِهَا عَلَى التَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ ; لِأَنَّهُمْ مَكَثُوا مَجْهُودِينَ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَالْفُتُوحَاتُ إِنَّمَا حَصَلَتْ أَوَاخِرَ حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قِيلَ: وَعَلَى التَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ أَيْضًا ; وَلِذَا نَسَبَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ أَحْوَالَ جُهْدِهِمْ كَانَتْ مُنْبِئَةً عَنْ عَدَمِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ أَحْوَالِ سَعَتِهِمْ، فَإِنَّهَا مُنْبِئَةٌ عَنْ ظُهُورِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْغِنَى خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ لِيَكُونَ الشُّكْرُ أَفْضَلَ مِنَ الصَّبْرِ، فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ (وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ) : عَطْفُ تَفْسِيرٍ (وَكُفُوا) : بِالتَّخْفِيفِ مَجْهُولًا (الْعَمَلَ) : مَفْعُولٌ ثَانِي أَيْ: كَفَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى الْعَمَلَ بِاسْتِغْنَائِهِمْ أَوْ بِإِعْطَائِهِمُ الْخَدَمَ (وَوُسِّعَ مَسْجِدُهُمْ) : مِنْ كُلِّ جَانِبٍ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَسَّعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ (وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي) : أَيْ: بِهِ: (بَعْضُهُمْ بَعْضًا) : وَيَتَأَذَّى الْكُلُّ (مِنَ الْعَرَقِ) : بَيَانٌ لِلْبَعْضِ، أَوْ تَعْلِيلٌ إِنْ كَانَ حُكْمُهُ التَّعْبِيرَ بِالْبَعْضِ الَّذِي الْمُرَادُ بِهِ الْأَكْثَرُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الِاحْتِيَاطِ فِي الْأَخْبَارِ ; لِأَنَّ بَعْضَهُمْ رُبَّمَا تَسَاهَلَ فِي إِزَالَتِهِ، فَآذَى غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِذَلِكَ، ثُمَّ ظَاهِرُ فَحْوَى كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْغُسْلَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَاجِبًا؛ لِكَثْرَةِ الْإِيذَاءِ بِالرِّيحِ الْكَرِيهَةِ حِينَئِذٍ، ثُمَّ لَمَّا خَفَّتْ نُسِخَ وُجُوبُهُ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا بِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>