أَبِي دَاوُدَ الْآتِي، هَذَا وَاتَّفَقُوا عَلَى حُرْمَةٍ غَشَيَانِ الْحَائِضِ، وَمَنْ فَعَلَهُ عَالِمًا عَصَى، وَمَنِ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ ; لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَلَا يُرْفَعُ التَّحْرِيمُ إِلَّا بِقَطْعِ الدَّمِ وَالِاغْتِسَالِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ. (فَبَلَغَ ذَلِكَ) : أَيِ: الْحَدِيثُ (الْيَهُودَ فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ؟) : يَعْنُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَبَّرُوا بِهِ لِإِنْكَارِهِمْ نُبُوَّتَهُ (أَنْ يَدَعَ) : أَيْ يَتْرُكَ (مِنْ أَمَرِنَا) : أَيْ: مِنْ أُمُورِ دِينِنَا (شَيْئًا) : مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ (إِلَّا خَالَفَنَا) : بِفَتْحِ الْفَاءِ (فِيهِ) : أَيْ: إِلَّا حَالَ مُخَالَفَتِهِ إِيَّانَا فِيهِ يَعْنِي: لَا يَتْرُكُ أَمْرًا مِنْ أُمُورِنَا إِلَّا مَقْرُونًا بِالْمُخَالَفَةِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: ٤٩] وَكَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " «اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ» ". (فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ) : بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا: أَنْصَارِيٌّ أَوْسِيٌّ، أَسْلَمَ قَبْلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَلَى يَدِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ الثَّانِيَةَ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْمَشَاهِدِ (وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ) : مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى يَدِ مُصْعَبٍ أَيْضًا قَبْلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَشَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا (فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا) : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى الْكَلَامِ السَّابِقِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إِنَّ مُعَاشَرَةَ الْحَائِضِ تُوجِبُ ضَرَرًا (فَلَا) : أَيْ: أَفَلَا، كَمَا فِي نُسْخَةٍ (نُجَامِعُهُنَّ؟) : أَيْ: نُسَاكِنُهُنَّ، وَالتَّقْدِيرُ: أَلَا نَعْتَزِلُهُنَّ فَلَا نَجْتَمِعُ مَعَهُنَّ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْبُيُوتِ، يُرِيدُ أَنَّ الْمُوَافَقَةَ لِلْمُؤَالَفَةِ، وَقِيلَ: لِخَوْفِ تَرَتُّبِ ذَلِكَ الضَّرَرِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ. (فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا) : أَيْ: نَحْنُ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: ظَنَّا أَيْ: هُمَا (أَنْ) : أَيْ: أَنَّهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا) : أَيْ: غَضِبَ (فَخَرَجَا) : خَوْفًا مِنَ الزِّيَادَةِ فِي التَّغَيُّرِ أَوِ الْغَضَبِ (فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ) : أَيْ: اسْتَقْبَلَ الرَّجُلَيْنِ شَخْصٌ مَعَهُ هَدِيَّةٌ يَهْدِيهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِسْنَادَ مَجَازِيٌّ (مِنْ لَبَنٍ) : مِنْ بَيَانِيَّةٌ (إِلَى النَّبِيِّ) : أَيْ: وَاصِلَةٌ أَوْ وَاصِلٌ إِلَيْهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ) : أَيِ: النَّبِيُّ (فِي آثَارِهِمَا) : وَفِي نُسْخَةٍ: إِثْرِهِمَا بِكَسْرَتَيْنِ، وَقِيلَ: بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: عَقِبَهُمَا أَحَدًا، فَنَادَاهُمَا فَجَاءَاهُ (فَسَقَاهُمَا) : أَيِ: اللَّبَنَ تَلَطُّفًا بِهِمَا (فَعَرِفَا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا) : أَيْ: لَمْ يَغْضَبْ، أَوْ مَا اسْتَمَرَّ الْغَضَبُ، بَلْ زَالَ أَوْ ذَهَبَ، وَهَذَا مِنْ مَكَارِمِ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute