٥٥٤ - وَعَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَدِينَارٌ، وَإِذَا كَانَ دَمًا أَصْفَرَ فَنِصْفُ دِينَارٍ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٥٤ - (وَعَنْهُ) : أَيْ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا كَانَ ") أَيِ: الْحَيْضُ وَقِيسَ بِهِ النِّفَاسُ (دَمًا أَحْمَرَ فَدِينَارٌ) : أَيْ: عَلَى الْمُجَامِعِ فِيهِ ; وَهَذَا لِأَنَّ أَقَلَّ الْمَقَادِيرِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفُرُوجِ عَشَرَةُ دَرَاهِمٍ وَهُوَ دِينَارٌ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَفِيهِ نَظَرٌ (وَإِذَا كَانَ دَمًا أَصْفَرَ، فَنِصْفُ دِينَارٍ) : لِأَنَّ الصُّفْرَةَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى الثَّانِي لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَبِالنَّظَرِ إِلَى الْأَوَّلِ وَجَبَ الْكُلُّ فَبِنِصْفٍ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ أَيْضًا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ لَا مَدْخَلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْأَقْرَبُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي اخْتِلَافِ الْكَفَّارَةِ بِالْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ أَنَّهُ فِي أَوَّلِهِ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالْجِمَاعِ، فَلَمْ يُعْذَرْ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي آخِرِهِ فَخُفِّفَ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مَنْ وَطِئَ حَائِضًا بِعِتْقِ رَقَبَةِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ. وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِثْلُهُ مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ; فَإِنْ تَرْكَهَا بِلَا عُذْرٍ مَعَ التَّعَمُّدِ وَالْعِلْمِ سُنَّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ، أَوْ بِعُذْرٍ سُنَّ لَهُ بِنِصْفِ دِينَارٍ لِحَدِيثٍ فِيهِ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ مُضْطَرِبٌ مُنْقَطِعٌ. وَقَوْلُ الْحَاكِمِ: إِنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ تَسَاهُلِهِ، وَيُرْوَى بِدِرْهَمٍ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ صَاعِ حِنْطَةٍ وَمُدٍّ أَوْ نِصْفِهِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ كُلِّهِ اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى ضَعْفِهِ كَيْفَ يُقَالُ: سُنَّ ذَلِكَ؟ ! (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ بَعْضِ طُرُقِهِ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْحَاكِمِ: إِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ; مَرْدُودًا، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَجْمُوعِ: إِنَّهُ ضَعِيفٌ اتِّفَاقًا ; فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الطَّرِيقِ اهـ. وَيَأْبَاهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: اتِّفَاقًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute