الطَّاعَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَلَمْ يَقُلْ: أَدُّوا زَكَاتَكُمْ ; إِيمَاءً إِلَى أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ غَيْرُ مُطْلَقٍ، بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ الْوَاصِلَةِ إِلَى نِصَابِهَا السَّائِمَةِ، مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ زَكَاةَ الْأَمْوَالِ أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ ; لِأَنَّهَا جُبِلَتْ عَلَى مَحَبَّتِهَا مَحَبَّةً مُفْرِطَةً، رُبَّمَا أَفْضَتْ بِكَثِيرِينَ إِلَى إِيثَارِ بَقَائِهَا عَلَى بَقَاءِ النَّفْسِ، وَلِذَا مَدَحَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ: " {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: ١٧٧] " عَلَى حَدِّ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ (وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرَكُمْ ") : أَيِ: الْخَلِيفَةَ وَالسُّلْطَانَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْأُمَرَاءِ، أَوِ الْمُرَادُ الْعُلَمَاءُ، أَوْ أَعَمُّ أَيْ: كُلُّ مَنْ تَوَلَّى أَمْرًا مِنْ أُمُورِكُمْ، سَوَاءٌ كَانَ السُّلْطَانَ وَلَوْ جَائِرًا وَمُتَعَلِّيًا وَغَيْرَهُ مِنْ أُمَرَائِهِ أَوْ سَائِرَ نُوَّابِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، وَلَمْ يَقُلْ: أَمِيرَكُمْ ; إِذْ هُوَ خَاصٌّ عُرْفًا بِبَعْضِ مَنْ ذُكِرَ؛ وَلِأَنَّهُ أَوْفَقُ بِقَوْلِهِ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] . (تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ) : جَوَابُ الْأَوَامِرِ السَّابِقَةِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ سَابِقَةِ عَذَابٍ ; لِأَنَّ الْغَالِبَ مَنْ فَعَلَ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ فَهُوَ يَكُونُ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَالْمُرَادُ: تَنَالُوا مِنْ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ مَا يَلِيقُ بِأَعْمَالِكُمْ ; لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ بِفَضْلِ اللَّهِ وَالدَّرَجَاتِ عَلَى حَسَبِ الطَّاعَاتِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute