الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ كَانَتْ مُؤَخَّرَةً عَنِ الظُّهْرِ، لَا أَنَّهَا كَانَتْ مُؤَخَّرَةً عَنْ وَقْتِهَا، (وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ) : يَعْنِي: صَلَّاهَا فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي تَضْيِيقِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ (وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ) : وَلَعَلَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا إِلَى آخِرِهِ، وَهُوَ وَقْتُ الْجَوَازِ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلِحُصُولِ الْحَرَجِ بِسَهَرِ اللَّيْلِ كُلِّهِ، وَكَرَاهَةُ النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، (وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا) : أَيْ: أَوْقَعَهَا فِي وَقْتِ الْإِسْفَارِ، وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ مِنْ: أَسْفَرَ الصُّبْحُ إِذَا أَضَاءَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ أَخَّرَهَا إِلَى أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي، ذَكَرَهُ مِيرَكُ. وَكَتَبَ تَحْتَهُ: وَفِيهِ يَعْنِي: وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الْفَجْرِ الْأَوَّلِ. (ثُمَّ قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ " فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا) : أَيِ: السَّائِلُ أَنَا، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، أَوْ أَنَا السَّائِلُ، أَوْ أَنَا هَاهُنَا، إِذِ الْمُرَادُ فِي الْأَوَّلِ أَيْنَ السَّائِلُ، وَمَنْ هُوَ فَيُطَابِقُ الْجَوَابُ السُّؤَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ، (يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " وَقْتُ صَلَاتِكُمْ ") : وَلَعَلَّهُ جَمَعَ الضَّمِيرَ إِشْعَارًا بِأَنَّ الْحُكْمَ عَامٌّ (بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ) : أَيْ: هَذَا الْوَقْتُ الْمُقْتَصِدُ الَّذِي لَا إِفْرَاطَ فِيهِ تَعْجِيلًا، وَلَا تَفْرِيطَ فِيهِ تَأْخِيرًا، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، أَوْ بَيَّنْتُ مِمَّا فَعَلْتُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَآخِرِهِ، وَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، وَالْمُرَادُ بِآخِرِهِ هُنَا آخِرُ الْوَقْتِ فِي الِاخْتِيَارِ لَا الْجَوَازِ ; إِذْ يَجُوزُ صَلَاةُ الظُّهْرِ بَعْدَ الْإِبْرَادِ التَّامِّ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَيَجُوزُ الْعَصْرُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّأْخِيرِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ مَا لَمْ تَغْرُبِ الشَّمْسُ، وَصَلَاةُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ فِي قَوْلٍ، وَيَجُوزُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ مَا لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ بَعْدَ الْإِسْفَارِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي الْمَغْرِبِ نَظَرٌ إِذْ صَلَّاهَا فِي آخِرِ وَقْتِ الْجَوَازِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، ذَكَرَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute