٦١٢ - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ ; فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٦١٢ - (وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعْتِمُوا ") : مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ (بِهَذِهِ الصَّلَاةِ) : أَيِ: الْعِشَاءِ، وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيِ: ادْخُلُوهَا فِي الْعَتَمَةِ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيِ: ادْخُلُوا فِي الْعَتَمَةِ مُلْتَبِسِينَ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يُقَالُ أَعْتَمَ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ فِي الْعَتَمَةِ وَهِيَ ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْعَتَمَةُ مِنَ اللَّيْلِ مَا بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ أَيْ صَلُّوهَا بَعْدَمَا دَخَلْتُمُ الظُّلْمَةَ، وَتَحَقَّقَ لَكُمْ سُقُوطُ الشَّفَقِ، وَلَا تَسْتَعْجِلُوا فِيهَا فَتُوقِعُوهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَعَلَى هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ، يَعْنِي: بَلْ يَكُونُ بَيَانًا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَعْتَمَ الرَّجُلُ أَيْ قَرَى ضَيْفَهُ فِي اللَّيْلِ إِذَا أَخَّرَ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَتْمِ الَّذِي هُوَ الْإِبْطَاءُ. يَعْنِي: فَيَكُونُ دَالًّا عَلَى أَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ إِلَى الثُّلُثِ أَوِ النِّصْفِ لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدِ النَّسْخُ (وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ) : التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ: هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ; إِنَّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ كَانَتْ تُصَلِّيهَا الرُّسُلُ نَافِلَةً لَهُمْ أَيْ: زَائِدَةً، وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَى أُمَمِهِمْ كَالتَّهَجُّدِ، فَإِنَّهُ وَجَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْنَا، أَوْ نَجْعَلُ هَذَا إِشَارَةً إِلَى وَقْتِ الْإِسْفَارِ فَإِنَّهُ قَدِ اشْتَرَكَ فِيهِ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ مِيرَكُ ; يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ تُصَلِّهَا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تُصَلُّونَهَا مِنَ التَّأْخِيرِ وَانْتِظَارِ الِاجْتِمَاعِ فِي وَقْتِ حُصُولِ الظَّلَامِ وَغَلَبَةِ الْمَنَامِ عَلَى الْأَنَامِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَسَكَتَ عَلَيْهِ، قَالَهُ مِيرَكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute