للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهلب بسيدهم. وهو معاوية بن عمرو، فجعل يركله١ برجله وهذا معروف في الأزد، فقال: أصلح الله الأمير! أعفني من أم كيسان والركبة تسميها الأزد أم كيسان. ثم حمل المهلب وحملوا. فاقتتلوا قتالاً شديداً. فجهد الخوارج، فنادى مناديهم: ألا إن المهلب قد قتل! فركب المهلب برذوناً قصيراً أشهب، وأقبل يركض بن الصفين، وإن إحدى يديه لفي القباء وما يشعر بها، وهو يصيح: أنا المهلب! فسكن الناس مع العصر، فصاح المهلب بابنه المغيرة: تقدم، ففعل، وصاح بذكوان مولاه، قدم رايتك، ففعل. فقال له رجل من ولده: إنك تغرر بنفسك. فذمره٢ ثم صاح: يا بني تميم، أآمركم فتعصونني! فتقدم وتقدم الناس، واجتلدوا أشد جلاد. حتى إذا كان مع المساء قتل ابن الماحوز. وانصرف الخوارج، ولم يشعر المهلب بقتله. فقال لأصحابه: ابغوني رجلاً جلداً يطوف في القتلى، فأشاروا عليه برجل من جرم، وقالوا: إنا لم نر رجلاً قط أشد منه، قطوف ومعه النيرا، فجعل إذا مر بجريح من الخوارج قال: كافر ورب الكعبة! فأجهز عليه، وإذا مر بجريح من المسلمين أمر بسقيه وحمله.

وأقام المهلب في عسكره يأمرهم بالاحتراس، حتى إذا كان نصف الليل وجه رجلاً من اليحمد.

[قال الأخفش: اليحمد من الأزد، والخليل من بطن منهم، يقال لهم الفراهيد. والفرهود في الأصل الحمل. فإن نسبت إلى الحي قلت: "فراهيدي"، وإن نسبت إلى الحملان قلت: "فرهودي" لا غير] .

في عشرة، فصاروا إلى عسكر الخوارج. فإذا القوم قد تحملوا إلى أرجان. فرجع إلى المهلب فأعلمه. فقال: أنا لهم الساعة أشد خوفاً، فاحذروا البيات.

قال أبو العباس: ويروى عن شعبة بن الحجاج أن المهلب قال لأصحابه يوماً: إن هؤلاء الخوارج قد يئسوا من ناحيتكم إلا من جهة البيات. فإن كان ذلك


١ الركل: الرفس بالرجل.
٢ فذمره: حضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>