للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني:

أن المرأة تتبسط في مال زوجها بحكم العادة، ويعد مال كل واحد منهما مالا للآخر, بخلاف مشاحاة الغريم لغريمه في المال (١).

القول الثاني:

يصح دفع المرأة زكاة مالها لزوجها, إن كان من أهل الزكاة, وهذا ما ذهب إليه أبو يوسف, ومحمد بن الحسن من الحنفية (٢) , وأحد القولين عند المالكية (٣) , وذهب إليه الشافعية (٤) , ورواية عند الحنابلة (٥).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى، ثم انصرف، فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة، فقال: (أيها الناس، تصدقوا)، فمر على النساء، فقال: (يا معشر النساء، تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار) فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم، من إحداكن، يا معشر النساء) ثم انصرف، فلما صار إلى منزله، جاءت زينب (٦)، امرأة ابن مسعود، تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله، هذه زينب، فقال: (أي الزيانب؟ ) فقيل: امرأة ابن مسعود، قال: (نعم، ائذنوا لها) فأذن لها، قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود: أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم) (٧) , وإطلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (أحق من تصدقت به عليهم) يفهم منه عموم الصدقة, واجبةً كانت, أو نفلا, ولو كان المراد الصدقة غير الواجبة, لوجب البيان؛ إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.


(١) ينظر: المغني, لابن قدامة ٢/ ٤٨٤.
(٢) ينظر: تبيين الحقائق, للزيلعي ١/ ٣٠١, والبحر الرائق, لابن نجيم ٢/ ٢٦٢, وحاشية ابن عابدين ٢/ ٣٤٦.
(٣) ينظر: الكافي, لابن عبد البر ١/ ٣٢٤, والقوانين الفقهية, لابن جزي ص: ٧٤, وحاشية الدسوقي ١/ ٤٩٩.
(٤) ينظر: الحاوي الكبير, للماوردي ٨/ ٥٣٨, وبحر المذهب, للروياني ٦/ ٣٧٣, ومغني المحتاج, للشربيني ٤/ ١٧٦.
(٥) ينظر: المغني, لابن قدامة ٢/ ٤٨٤, وشرح الزركشي ٢/ ٤٣١, والإنصاف, للمرداوي ٣/ ٢٦١.
(٦) هي: زينب بنت أبي معاوية بن عتاب الثقفية، روت عن النبي -صلّى اللَّه عليه وسلّم-، وعن زوجها ابن مسعود، وعن عمر, وروى عنها ابنها أبو عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود، وابن أخيها. ينظر: الإصابة, لابن حجر ٨/ ١٦٣.
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: الزكاة, باب: الزكاة على الأقارب (١٤٦٢) ٢/ ١٢٠.

<<  <   >  >>