للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: وطء الحائض, والنفساء قبل الغسل.

اختلف الفقهاء في حكم وطء الحائض, والنفساء قبل الغسل, على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

يحرم وطء المرأة قبل اغتسالها من الحيض, والنفاس, وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: المالكية (١) , والشافعية (٢) , والمذهب عند الحنابلة (٣).

دليل القول الأول:

قوله تعالى: {وَيَسْ‍ئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (٤)

ووجه الاستدلال بالآية من عدة أوجه:

الوجه لأول:

أن في الآية قراءتان (٥) إحداهما: بالتخفيف وضم الهاء؛ (يطهُرن) ومعناها: انقطاع الدم, والأخرى بالتشديد وفتح الهاء؛ (يطّهَرن) ومعناها: الغسل, واختلاف القراءتين كاختلاف الآيتين, يجمع بينهما ما دام الجمع ممكنا, ويكون تقدير معنى الآية: فلا تقربوهن حتى ينقطع دمهن, ويغتسلن؛ فتكون الإباحة قد عُلقت بشرطين: أحدهما: انقطاع الدم, والثاني: الاغتسال؛ وما علق بشرطين لا يباح إلا بهما, كقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا} (٦) , فاشترط لدفع مال اليتيم إليه؛ بلوغ النكاح, والرشد, ووجود أحد هذين الشرطين لا يبيح دفع المال إليه.


(١) ينظر: المدخل, لابن الحاج ١/ ٢١٢, والتاج والإكليل, للمواق ١/ ٥٥٠, ومواهب الجليل, للحطاب ١/ ٣٧٤.
(٢) ينظر: الأم, للشافعي ٥/ ٨, والحاوي الكبير, للمرداوي ١/ ٣٨٦, والمجموع, للنووي ٢/ ٣٦٦.
(٣) ينظر: المغني, لابن قدامة ١/ ٢٤٥, والكافي, لابن قدامة ١/ ١٣٧, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ١/ ٣١٦.
(٤) البقرة من الآية: ٢٢٢.
(٥) ينظر: النشر في القراءات العشر, لابن الجزري ٢/ ٢٢٧.
(٦) النساء من الآية: ٦.

<<  <   >  >>