للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: صدقة المرأة على زوجها تطوعا.

اتفق الفقهاء على أن المرأة يستحب لها أن تتصدق على زوجها تطوعا (١).

واستدلوا على ذلك بما يأتي:

حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى، ثم انصرف، فوعظ الناس، وأمرهم بالصدقة، فقال: (أيها الناس، تصدقوا)، فمر على النساء، فقال: (يا معشر النساء، تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار) فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم، من إحداكن، يا معشر النساء) ثم انصرف، فلما صار إلى منزله، جاءت زينب، امرأة ابن مسعود، تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله، هذه زينب، فقال: (أي الزيانب؟ ) فقيل: امرأة ابن مسعود، قال: (نعم، ائذنوا لها) فأذن لها، قالت: يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود: أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم) (٢).

وجه الاستدلال بالحديث:

دل الحديث على استحباب صدقة التطوع على الزوج، لا الصدقة الواجبة -الزكاة-, وذلك من وجهين:

الوجه الأول:

قول امرأة ابن مسعود -رضي الله عنهما-: (أردت أن أتصدق بحلي لي) (٣) , وزكاة الحلي غير واجبة, ولو قيل بوجوبها, فإنها أرادت الصدقة بجميع حليها, ولا تجب الزكاة بجميع الحلي (٤).


(١) ينظر: تبيين الحقائق, للنسفي ١/ ٣٠١, والجوهرة النيرة, للحداد ١/ ١٣٠, والنهر الفائق, لابن نجيم ١/ ٤٦٣, والمدونة, للإمام مالك ٤/ ٤١٣, وحاشية الدسوقي ٤/ ١١٣, ومنح الجليل, للشيخ عليش ٨/ ١٩٧, والوسيط, للغزالي ٤/ ٥٧٦, والبيان في مذهب الإمام الشافعي, لابن أبي الخير العمراني ٣/ ٤٥٠, والمجموع, للنووي ٦/ ٢٢٠, والمغني, لابن قدامة ٢/ ٤٨٥, والكافي, لابن قدامة ١/ ٤٣٠, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ٢/ ٧١٤.
(٢) سبق تخريجه ص: ١٦٤.
(٣) سبق تخريجه ص: ١٦٤.
(٤) ينظر: النهر الفائق, لابن نجيم ١/ ٤٦٣, والمغني, لابن قدامة ٢/ ٤٨٥.

<<  <   >  >>