للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثالث: طواف الرجل على نسائه بغسل واحد.

اتفق الفقهاء على أن الرجل يجوز له أن يجامع زوجاته واحدة تلو الأخرى, ثم يغتسل عندما يفرغ غسلا واحد, في حالة سقوط القسم عنه؛ كما لو كان في سفر, أو بإذن التي هو في يومها (١).

واستدلوا على ذلك بما يأتي:

الدليل الأول:

حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدور على نسائه في الساعة الواحدة، من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة) (٢) والظاهر عدم الغسل في هذه الحالة (٣) , وفي رواية: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطوف على نسائه بغسل واحد) (٤) وهذه الرواية صريحة في أن الغسل كان مرةً واحدة.

الدليل الثاني:

حديث عائشة -رضي الله عنها-: (كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيطوف على نسائه، ثم يصبح محرما ينضخ طيبا) (٥).

وجه الاستدلال بالحديث:

لو اغتسل -صلى الله عليه وسلم- من كل واحدة من نسائه لكان قد اغتسل تسع مرات، فيبعد حينئذ أن يبقى للطيب أثر، فلما أخبرت -رضي الله عنها- أنه أصبح ينضخ طيباً، استدل بذلك على أنه اكتفى بغسل واحد (٦).

الدليل الثالث:

أن الجماع ينقض الغسل؛ فلا يشرع الغسل لناقضه, وإنما يشرع الغسل لما يجتمع معه ويكمل مصلحته (٧).

الدليل الرابع:

أن الأحداث إذا تعددت تداخلت, فيكفيها طهارة واحدة (٨).


(١) ينظر: المبسوط, للسرخسي ١/ ١٣١, والبحر الرائق, لابن نجيم ١/ ١٧٧, وحاشية ابن عابدين ١/ ١٧٦, والبيان والتحصيل, لابن رشد الجد ١٧/ ٢٩٥, والذخيرة, للقرافي ١/ ٣٠٠, ومواهب الجليل, للحطاب ٤/ ١٣, والحاوي الكبير, للماوردي ٩/ ٣١٦, والمجموع, للنووي ٢/ ١٥٧, وروضة الطالبين, للنووي ٧/ ٢٠٦, والمغني, لابن قدامة ٧/ ٣٠٠, والمبدع, لابن مفلح ٧/ ١٨٦, ومطالب أولي النهى, للسيوطي ١٥/ ٤٠٤.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: الغسل, باب: إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد (٢٦٨) ١/ ٦٢.
(٣) ينظر: الذخيرة, للقرافي ١/ ٣٠٠.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه, كتاب: الحيض, باب: الطواف على النساء بغسل واحد (٣٠٩) ١/ ٢٤٩.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: الغسل, باب: إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد (٢٦٨) ١/ ٦٢.
(٦) ينظر: فتح الباري, لابن رجب ١/ ٢٩٨.
(٧) ينظر: المبسوط, للسرخسي ١/ ١٣١, والذخيرة, للقرافي ١/ ٣٠٠.
(٨) ينظر: الحاوي الكبير, للماوردي ٩/ ٣١٦.

<<  <   >  >>