للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الأول: عقد نكاح الأسير المسلم.

اختلف الفقهاء في حكم عقد نكاح الأسير المسلم, على أربعة أقوال:

القول الأول:

يكره للأسير أن ينكح بدار الحرب, إلا إن خشي على نفسه الوقوع في الزنا, وهذا ما ذهب إليه بعض المالكية (١) , والشافعية (٢).

دليل القول الأول:

الأصل في النكاح الحل, لكن يكره زواج الأسير لما يترتب عليه من المفاسد, كتعريض نسله للرق, أو الكفر, لكن إن خشي الوقوع في الزنا زالت الكراهة؛ إذ المصلحة المحققة الناجزة, مقدمة على المفسدة المستقبلة المتوهمة (٣).

القول الثاني:

يباح للأسير أن ينكح بدار الحرب, إلا نكاح الحربية, فيكره نكاحها إذا لم يخش الوقوع في الزنا, وهذا ما ذهب إليه أكثر الحنفية (٤).

دليل القول الثاني:

إذا نكح الأسير حربية ربما بقي له نسل في دار الحرب، وربما سبيت, وهي حامل منه, فلا تصدق في أنها حامل من مسلم؛ إذ إن دار الحرب ثغر, وتغنم, فيصير ما في بطنها رقيقا، وربما يتخلق أولاده بأخلاق الكفار، لكن إن خشي على نفسه الوقوع في الزنا, زالت الكراهة, كنكاح الأمة في دار الإسلام، مكروه، إلا أن يخشى على نفسه الوقوع في الزنا, فهذا مثله, أما المسلمة, أو الذمية, فلا كراهة للأسير المسلم في نكاحها، وإن لم يخف الوقوع في الزنا؛ لأنها لا تُملك بالاسترقاق, فيجوز للمسلم أن يتزوجها برضاها في دار الحرب، كما يجوز في دارنا (٥).


(١) ينظر: النوادر, لابن أبي زيد القيرواني ٣/ ٣١٦.
(٢) تخريجا على كراهة نكاح المستأمن في دار الحرب. ينظر: الأم, للشافعي ٤/ ٢٨٢, والحاوي الكبير, للماوردي ٩/ ٢٤٦, ومغني المحتاج, للشربيني ٤/ ٣١١.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير, للماوردي ٩/ ٢٤٦, وتحفة المحتاج, لابن حجر ٧/ ١٨٥, ومغني المحتاج, للشربيني ٤/ ٣١١.
(٤) ينظر: عيون المسائل, للسمرقندي ص: ٤٣٠, وشرح السير الكبير, للسرخسي ص: ١٨٣٨.
(٥) ينظر: شرح السير الكبير, للسرخسي ص: ١٨٣٩.

<<  <   >  >>