للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أين السائل؟ ) فقال: أنا، قال: (خذها، فتصدق به) فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال: (أطعمه أهلك) (١).

وجه الاستدلال بالحديث:

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الأعرابي بالكفارة, ولم يسأله عن حاله هل تعمد، أو جهل، أو نسي؟ مع أنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام، وليس كلهم يعرف الفرق بين أحكام الخطأ, والعمد (٢).

يمكن أن يناقش:

لا يسلم بأن الرجل كان جاهلا بتحريم الجماع في نهار رمضان؛ لأنه جاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (هلكت) , ولو كان جاهلا بالتحريم, لما عد فعلته من المهلكات, بل عبارته تدل على أنه كان يعلم تغليظ حرمة الجماع في نهار رمضان؛ لذلك جاء نادما يسأل عن كفارة لفعله.

الدليل الثاني:

مجرد الجهل ليس بعذر في دار الإسلام, خاصة فيما ظهر, واشتهر من الأحكام, كالجماع في نهار رمضان (٣).

يمكن أن يناقش:

قد يكون في دار الإسلام من هو حديث عهد بالإسلام, فلم تبلغه هذه الأحكام.

القول الثالث:

يفسد صوم من جامع في نهار رمضان جهلا بتحريمه, ويجب عليه القضاء فقط, وهذا هو المعتمد عند المالكية (٤) , والمذهب عند الحنابلة (٥).


(١) سبق تخريجه ص: ١٩٨.
(٢) ينظر: التبصرة, للخمي ٢/ ٧٩١.
(٣) ينظر: البحر الرائق, لابن نجيم المصري ٢/ ٣١٥.
(٤) ينظر: التبصرة للخمي ٢/ ٧٩٢, وشفاء الغليل, لابن غازي المكناسي ١/ ٣٠٠, وحاشية العدوي ١/ ٤٥٥.
(٥) ينظر: المغني, لابن قدامة ٣/ ١٣١, والكافي, لابن قدامة ١/ ٤٤٣, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ٣/ ٤٢.

<<  <   >  >>