للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني:

يفسد صوم من جامع ظانا أن الفجر لم يطلع, ويقضي يوما مكانه, وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية (١) , والمالكية (٢) , والشافعية (٣) , والمذهب عند الحنابلة (٤).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

من جامع بعدما طلع الفجر, وهو يظن أن الفجر لم يطلع, فقد فوت أداء الواجب بعد تقرر سبب الوجوب؛ فيضمنه بالمثل بما هو مشروع له, فهو حق مضمون بالمثل، كالمريض، والمسافر (٥).

يمكن أن يناقش:

لا يسلم بصحة القياس على المريض, والمسافر؛ فإن المريض, والمسافر, حين يفطر الواحد منهما, فإنه يفطر عامدا مختارا ذاكرا, وليس الأمر كذلك في هذه الصورة, بل قياسه على الناسي المعذور أولى.

الدليل الثاني:

الجماع بعد طلوع الفجر ظانا عدم طلوعه, ليس إلا جهلا بوقت الصيام، فلم يعذر به، كالجهل بأول رمضان (٦).

يمكن أن يناقش:

لا يسلم أيضا بصحة القياس على من جهل أول رمضان, فإن من جهل أول رمضان لم يُبيت نية الصوم, بخلاف من جامع ظانا أن الفجر لم يطلع, فإنه مبيت لنية الصوم, لكنه أخطأ في وقت وجوب الإمساك.

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ فإنه الأقرب موافقةً لظاهر الحديث الصحيح, كما أنه الأقرب إعمالا للقواعد الفقهية, ومنها قاعدة: الأصل بقاء ماكان على ماكان (٧).


(١) ينظر: المبسوط, للسرخسي ٣/ ٥٥, والبناية, للعيني ٤/ ١٠١, وحاشية ابن عابدين ٢/ ٤٠٥.
(٢) ينظر: الكافي, لابن عبدالبر ١/ ٣٥٠, والقوانين الفقهية, لابن جزي ص: ٨١, وأسهل المدارك, للكشناوي ١/ ٤١٨.
(٣) ينظر: نهاية المطلب, للجويني ٤/ ٢٠, والتهذيب في فقه الإمام الشافعي, للبغوي ٣/ ١٥٩, والمجموع, للنووي ٦/ ٣٠٦.
(٤) ينظر: المغني, لابن قدامة ٣/ ١٤٧, وشرح الزركشي ٢/ ٥٩٩, والمبدع, لابن مفلح ٣/ ٣٠.
(٥) ينظر: المبسوط, للسرخسي ٣/ ٥٥, والبناية, للعيني ٤/ ١٠١.
(٦) ينظر: المغني, لابن قدامة ٣/ ١٤٧.
(٧) ينظر: الأشباه والنظائر, للسبكي ١/ ١٣.

<<  <   >  >>