للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني:

من جامع ظانا أن الفجر لم يطلع, تجب عليه الكفارة, وهو المذهب عند الحنابلة, ومن مفردات المذهب (١).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

لا فرق بين العامد, وغيره في وجوب الكفارة؛ ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: بينما نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: (ما لك؟ ) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال: لا، قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين)، قال: لا، فقال: (فهل تجد إطعام ستين مسكينا) قال: لا، قال: فمكث النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبينا نحن على ذلك أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرق فيها تمر قال: (أين السائل؟ ) فقال: أنا، قال: (خذها، فتصدق به) (٢).

وجه الاستدلال بالحديث:

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستفصل عن حال السائل, وعن كيفية الوقاع, وإنما أمره بالكفارة مباشرة؛ فدل على عموم وجوبها في سائر الأحوال (٣).

يمكن أن يناقش وجه الاستدلال بالحديث:

في ألفاظ الحديث ما يدل على حال السائل, لذلك أمره بالكفارة, فإن السائل قال: (وقعت على امرأتي وأنا صائم) فدل على أنه قد شرع في صومه, حين وقت وجوب الإمساك, ثم جامع.

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بأن من جامع في رمضان ظانا أن الفجر لم يطلع, لا تجب عليه كفارة؛ لوجاهة ما استدلوا به, ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.


(١) ينظر: مسائل الإمام أحمد, رواية ابنه عبد الله ص: ١٩١, والمبدع, لابن مفلح ٣/ ٣٠, وتصحيح الفروع, للمرداوي ٥/ ٤١.
(٢) سبق تخريجه ص: ١٩٨.
(٣) ينظر: كشاف القناع, للبهوتي ٢/ ٣٢٥.

<<  <   >  >>