للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: الدليل على عدم جواز الرجوع عن الإذن في الاعتكاف الواجب:

قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (١) , والآية عامة في كل واجب شرع فيه المكلف, والنهي يقتضي التحريم, فإذا كانت المرأة منهية عن إبطال اعتكافها الواجب, فالزوج منهي عن إبطاله عليها بعدما أذن لها بالشروع فيه.

القول الثاني:

لا يجوز للزوج أن يرجع عن إذنه لزوجته في الاعتكاف مطلقا, وهذا ما ذهب إليه الحنفية (٢) , والمالكية (٣).

دليل القول الثاني:

منافع المرأة ليست مملوكة لزوجها, وإنما أمرت بخدمة الزوج, فمتى أذن فقد أسقط حق نفسه, فيظهر حقها الأصلي (٤).

يمكن أن يناقش من وجهين:

الوجه الأول:

الاجتهاد في مقابل النص لا عبرة به, فقد منع -صلى الله عليه وسلم- زوجاته من الاعتكاف بعدما أذن لهن.

الوجه الثاني:

من أسقط حق نفسه في وقت, جاز له الرجوع في حقه في وقت آخر, كالمرأة إذا أسقطت حقها من المبيت, أو النفقة, جاز لها الرجوع في حقها.

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بجواز رجوع الزوج عن إذنه لزوجته في الاعتكاف, إذا كان الاعتكاف تطوعا, وعدم جواز رجوعه إذا كان الاعتكاف واجبا؛ لوجاهة ما استدلوا به, ولقربه من موافقة ظاهر الحديث الصحيح, ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.


(١) محمد من الآية: ٣٣.
(٢) ينظر: تحفة الفقهاء, لعلاء الدين السمرقندي ١/ ٣٧٥, وبدائع الصنائع, للكاساني ٢/ ١١٦, والمحيط البرهاني, لابن مازه ٢/ ٤١٣.
(٣) ينظر: التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب, لضياء الدين الجندي ٢/ ٤٦٣, وشرح مختصر خليل, للخرشي ٢/ ٢٧٠, ومنح الجليل, للشيخ عليش ٢/ ١٦٨.
(٤) ينظر: تحفة الفقهاء, لعلاء الدين السمرقندي ١/ ٣٧٥.

<<  <   >  >>