للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني:

لا يفسد الحج بالجماع بعد الوقوف بعرفة, وقبل التحلل الأول, وتجب به الفدية, وهذا ما ذهب إليه الحنفية (١).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

حديث عبد الرحمن بن يعمر، قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتاه ناس، فسألوه عن الحج؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الحج عرفة، فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع (٢)، فقد تم حجه) (٣).

وجه الاستدلال من الحديث:

أن لفظ الإتمام يطلق على أحد وجهين: إما لاستيفاء أداء الأفعال، أو لانتفاء ورود الفساد عليه، وبالاتفاق لم يرد التمام من حيث أداء الأفعال؛ فقد بقي عليه بعض الأركان, فلما لم يرد استيفاء فروضه، فقد أراد نفي ورود الفساد عليه؛ إذ إنه بالوقوف تأكد حجه؛ فإنه يأمن الفوات بعد الوقوف, فكما يثبت حكم تأكد الحج في الأمن من الفوات, فكذلك في الأمن من الفساد (٤).

نوقش:

الفوات أخف حالا من الفساد؛ فالفوات يسقط بإدراك بعض الشيء, والفساد لا يسقط بإدراك بعض الشيء, فمن أدرك ركعة من الجمعة, فقد أمن فواتها, ولا يأمن فسادها، فكذلك جاز أن يأمن بالوقوف فوات الحج, ولا يأمن فساده (٥).


(١) ينظر: شرح مختصر الطحاوي, للجصاص ٢/ ٥٥٠, والمبسوط, للسرخسي ٤/ ٥٧, والبناية, للعيني ٤/ ٣٥٢.
(٢) يعني: ليلة مزدلفة, ينظر: النهاية, لابن الأثير ١/ ٢٩٦.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه, كتاب: المناسك , باب: من لم يدرك عرفة, (١٩٤٩) ٢/ ١٩٦, والترمذي في سننه, أبواب: الحج, باب: ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج (٨٨٩) ٣/ ٢٢٨, والنسائي في سننه الصغرى, كتاب: مناسك الحج, باب: فرض الوقوف بعرفة (٣٠١٦) ٥/ ٢٦٥ , وابن ماجه في سننه, كتاب: المناسك, باب: من أتى عرفة، قبل الفجر، ليلة جمع (٣٠١٥) ٢/ ١٠٠٣, وصححه الألباني في تحقيقه لأحاديث مشكاة المصابيح ٢/ ٨٢٩.
(٤) ينظر: شرح مختصر الطحاوي, للجصاص ٢/ ٥٥١, والمبسوط, للسرخسي ٤/ ٥٧.
(٥) ينظر: المبسوط, للسرخسي ٤/ ٥٧.

<<  <   >  >>