للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الأول:

ما أفسد بعض العبادة أفسد جمعيها، وما لم يفسد جميعها لم يفسد شيء منها، كالصلاة، والصيام، فلما كان هذا الوطء غير مفسد لما مضى من الحج, وجب أن يكون غير مفسد لما بقي من الحج؛ إذ العبادة الواحدة, المرتبطة, لا يمكن أن يوصف بعضها, بالبطلان دون بعض (١).

القول الثاني:

يجب على من جامع بعد التحلل الأول تجديد إحرامه من الحل, وهذا ما ذهب إليه المالكية (٢) , والحنابلة (٣).

دليل القول الثاني:

أن هذا وطء صادف إحراماً فأفسده, كما يفسد الإحرام التام بالجماع، وإذا فسد إحرامه, فعليه أن يحرم ليأتي بالطواف في إحرام صحيح (٤).

يمكن أن يناقش من وجهين:

الوجه الأول:

لا يسلم بأن ما بقي من الإحرام في حق النساء, قد فسد بالجماع؛ إذ يلزم منه إباحة الجماع ثانيا, وثالثا؛ لعدم وجود الإحرام الصحيح.

الوجه الثاني:

الجماع بعد التحلل الأول, شابه سائر محظورات الإحرام قبل التحلل الأول, بجامع أنها توجب الفدية, ولا تفسد الحج, وإذا كان ارتكاب محظورات الإحرام قبل التحلل الأول, لا يفسد الإحرام, ولا يوجب تجديده من الحل, فكذلك الجماع بعد التحلل الأول, لما لم يفسد الحج, لم يفسد ما بقي من الإحرام.

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بعدم وجوب تجديد الإحرام من الحل, على من جامع بعد التحلل الأول؛ لوجاهة ما استدلوا به, ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.


(١) ينظر: الحاوي الكبير, للماوردي ٤/ ٢١٩, والمجموع, للنووي ٧/ ٤٠٨.
(٢) ينظر: البيان والتحصيل, لابن رشد الجد ١٧/ ٦٢٣, والذخيرة, للقرافي ٣/ ٢٦٧, والفواكه الدواني, للنفراوي ١/ ٣٦٨.
(٣) ينظر: المغني, لابن قدامة ٣/ ٤٢٥, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ٣/ ٣٢٠, والمبدع, لابن مفلح ٣/ ١٥١.
(٤) ينظر: المغني, لابن قدامة ٣/ ٤٢٥, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ٣/ ٣٢١, والمبدع, لابن مفلح ٣/ ١٥١.

<<  <   >  >>