للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني:

الحج آكد من العدة؛ لأن المشقة بتفويته تعظم؛ لما فيه من تضييع الزمان, والنفقة, وتأخير براءة الذمة, فوجب تقديمه؛ لأن الضرر مزال (١).

القول الثاني:

إن كان بينها وبين بلدها أقل من مسيرة ثلاثة أيام, وجب عليها الرجوع لمنزلها لتعتد فيه, وتتحلل تحلل المحصر, وإن كان بينها وبين بلدها مسيرة ثلاثة أيام, فما فوق, وجب عليها أن تتم نسكها, ثم إذا رجعت أتمت ما بقي من عدتها, وهذا ما ذهب إليه الحنفية (٢).

دليل القول الثاني:

أن الحج يمكن أداؤه في وقت آخر, ما العدة فإنما يجب قضاؤها في هذا الوقت خاصة, فكان الجمع بين الأمرين أولى (٣).

نوقش:

الحج أيضا يفوت بفوات وقته, والعمرة تفوت بفوات الرفقة, فإن أمكن الجمع بين العبادتين دون تفويت إحداهما جمع بينهما, وإلا قدم الأسبق منهما في الوجوب (٤).

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان قول الجمهور؛ القائل بأن من توفي زوجها بعدما أحرمت فإنه يجب عليها إتمام نسك الحج, أو العمرة, ثم إذا رجعت أتمت ما بقي من عدتها؛ لوجاهة ما استدلوا به, ولقربه من قواعد الشرع في التيسير, ورفع الحرج, ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.


(١) ينظر: المجموع, للنووي ١٨/ ١٧٣, والمغني, لابن قدامة ٨/ ١٦٨, وشرح منتهى الإرادات, للبهوتي ٣/ ٢٠٦.
(٢) ينظر: تحفة الفقهاء, لعلاء الدين السمرقندي ٢/ ٢٥١, وبدائع الصنائع, للكاساني ٣/ ٢٠٦.
(٣) ينظر: بدائع الصنائع, للكاساني ٢/ ١٢٤.
(٤) ينظر: المغني, لابن قدامة ٨/ ١٦٨, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ٩/ ١٦٩.

<<  <   >  >>