للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني:

إذا جاز اغتسال الرجل مع امرأته, وجاز اغتسال المرأة بعد المرأة, وجاز اغتسال المرأة بعد الرجل, فكذلك يجوز اغتساله بعدها؛ إذ لا فرق بين هذه الصور, والشريعة لا تأتي بالتفريق بين المتماثلات (١).

القول الثاني:

يحرم على الرجل أن يتطهر من الإناء الذي خلت به المرأة لطهارتها, ولا تصح طهارته به, وهذا القول هو المذهب عند الحنابلة (٢).

دليل القول الثاني:

حديث حميد الحميري، قال: لقيت رجلا صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أربع سنين، كما صحبه أبو هريرة، قال: (نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة, وليغترفا جميعا) (٣) , فنص الحديث على النهي عن الاغتسال بعد المرأة, وجواز الاغتسال معها.

أجيب عن وجه الاستدلال بالحديث بجوابين:

الأول: أن الحديث محمول على الاستحباب؛ ويشهد له أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أيضا في الحديث عن فضل الرجل, ولم يقل أحد بحرمته!

الثاني: أن الحديث محمول على فضل الأعضاء, وهو ما سال من الماء عن الأعضاء, لا على ما بقي من الماء في الإناء (٤).

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان قول الجمهور؛ القائل بجواز الاغتسال بعد المرأة, من الإناء الذي اغتسلت منه, سواءً خلت به أم لا؛ لوجاهة ما استدلوا به, وسلامته من المعارضة, ولورود المناقشة على أدلة القول الثاني.


(١) ينظر: المبسوط, للسرخسي ١/ ٦١, وبداية المجتهد, لابن رشد الحفيد ١/ ٣٨, والمجموع, للنووي ٢/ ١٩٠, والمبدع, لابن مفلح ١/ ٣٤.
(٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد, لكوسج ٢/ ٣٤٢, والمغني, لابن قدامة ١/ ١٥٨, والمبدع, لابن مفلح ١/ ٣٤.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه, كتاب: الطهارة, باب: النهي عن ذلك (٨١) ١/ ٢١, والنسائي في سننه الصغرى, كتاب: المياه, باب: ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب (٢٣٨) ١/ ١٣٠, وأحمد في مسنده, مسند: الشاميين (١٧٠١١) ٢٨/ ٢٢٣, وصححه الألباني في تعليقه على مشكاة المصابيح ١/ ١٤٦.
(٤) ينظر: الحاوي الكبير, للماوردي ١/ ٢٢٩, والمجموع, للنووي ٢/ ١٩٠.

<<  <   >  >>