للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث:

حديث أنس -رضي الله عنه- أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله تعالى: {وَيَسْ‍ئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (١) إلى آخر الآية .. , فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير، وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله، إن اليهود تقول: كذا وكذا، فلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننا أن قد وجد عليهما (٢). والمراد بالنكاح في الحديث: الجماع؛ فكنى باسم السبب عن المسبب (٣).

ثانياً: اختلف الفقهاء في حكم الكفارة على من وطئ حائضا, على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

تستحب الكفارة لمجامع الحائض, وهو قول الحنفية (٤) , والمشهور عند الشافعية (٥).

دليل القول الأول:

حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: (يتصدق بدينار أو نصف دينار) (٦) , وهذه الرواية مما يستدل بها على أن الأمر للاستحباب؛ لأنه لا معنى للتخيير في الإيجاب بين القليل والكثير, من نوع واحد, إلا صرف الأمر للاستحباب (٧).


(١) البقرة من الآية: ٢٢٢.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه, كتاب: الحيض , باب: اصنعوا كل شيء إلا النكاح (٣٠٢) ١/ ٢٤٦.
(٣) ينظر: مرقاة المفاتيح, للقاري ٢/ ٤٩٢.
(٤) ينظر: البحر الرائق, لابن نجيم ١/ ٢٠٧.
(٥) ينظر: فتح العزيز, للرافعي ٢/ ٤٢٠, والمجموع, للنووي ٢/ ٣٥٩.
(٦) أخرجه أبو داود في سننه, كتاب: الطهارة, باب: في إتيان الحائض (٢٦٤) ١/ ٦٩, والنسائي في سننه الصغرى, كتاب: الطهارة, باب: ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله -عز وجل- عن وطئها (٢٨٩) ١/ ١٥٨, وابن ماجه في سننه, كتاب: الطهارة وسننها, باب: في كفارة من أتى حائضا (٦٤٠) ١/ ٢١٠, وأحمد في مسنده, مسند: بني هاشم, مسند: عبدالله بن عباس (٢٠٣٢) ٣/ ٤٧٣, وصححه الألباني في صحيح أبي داود ٢/ ١٥.
(٧) ينظر: البحر الرائق, لابن نجيم ١/ ٢٠٧, وفتح العزيز, للرافعي ٢/ ٤٢٤.

<<  <   >  >>