الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وتابعيهم إلى يوم الدين، وبعد:
فإن رسالة الرسل لأقوامهم هي تصحيح الانحراف في عبادة االله تعالى. وعبادة االله سبحانه مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالإيمان وتوحيد الله عزوجل؛ فلا عبادة مقبولة إلا بالتوحيد. والعلاقة بين عبادة االله وتوحيده تلازمية، لا يمكن الفصل بينهما. والتوحيد هو الركن الأساسي في قبول الإيمان، وقبول العمل.
إن مفهوم العبادة واسع وليس مقصورًا على عمل الجوارح؛ بل على ما ينبع من القلب لهذه الأعمال، ولمن تُصرف. وهي مرتبطة بالتوحيد والإيمان، بل هي أساسه ومنبعه، وهي المهيمنة على كل العبادات، فلا تقبل إلا ممن صرفها خالصة لله وحده، لا يخالجها شيء آخر.
والانحراف في عبادة االله موجود في كل عصر، ويزداد الانحراف كلما نقص العلم بالشرع، وكلما اختلط الإيمان بما يشوبه ويعكر صفوه.
وفي العصر الحاضر -ومع العولمة، وضعف العلم الشرعي- بات من الضروري إيضاح العبادة القلبية التي هي أساس الإيمان. ولبيان أهمية هذه العبادة لا بد من بيان أصلها وجذرها ومنبتها، ثم أثرها على العبادات المختلفة، وعلى النفس والسلوك؛ ليستشعر المسلم هذه العبادة، ومن ثم الأمراض والأخطاء التي تتسبب في إعاقة هذه العبادة، وهذا هو موضوع البحث.