للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستعين على ذلك بالهروب من مظان الفتنة، والبعد عنها ما أمكنه) (١).

(٢) الدعاء تضرعًا وخيفة بصلاح القلب وبشكل دائم، ولا يخفى فضل الدعاء وعظيم أثره، لكن كثيرًا من الناس يغفلون عن هذه العبادة العظيمة التي بها تصلح القلوب. وكثيرون يغفلون عن قصد التقرب إلى الله بالدعاء، ويكون قصدهم منصرفًا إلى حصول مطلوبهم من أمورهم دون الدعاء بصلاح قلوبهم، فيفوتهم خير عظيم.

يقول ابن القيم في كتابه الفوائد: (العجب ممن تعرض له حاجة فيصرف رغبته وهمته فيها إلى الله ليقضيها له، ولا يتصدى للسؤال لحياة قلبه من موت الجهل والإعراض، وشفائه من داء الشهوات والشبهات، ولكن إذا مات القلب لم يشعر بمعصيته) (٢).

فمن لجأ إلى الله، وانطرح بين يديه سائلا صلاح قلبه، داعيًا بحضور قلبه، متحرّيًا أوقات الإجابة، فما أقرب أن يجاب له، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالَى أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ» (٣).

ومعنى: «إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكم» أي: يَبْلَى ويَضْعُفُ في قَلْبِ المُسْلِمِ، وعلامة ضعف الإيمان الفُتور في العِبادةِ، أو ارتكابِ المعاصي، وانغِماسِ النَّفسِ في بَعصِ شَهواتِها.

«كما يَخْلَقُ الثَّوبُ»، أي: مِثْلَ الثَّوْبِ الجَديدِ الذي يَبْلى بطُولِ استخدامِهِ.


(١) عدة الصابرين لابن القيم. (ص ٦٢ - ٦٣)
(٢) الفوائد لابن القيم (ص ١٢٢)
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: رواته مصريون ثقات. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (١٥٨٥): إسناده حسن.

<<  <   >  >>