وقبل البدء في الموضوع لا بد من معرفة شقي الموضوع؛ معنى العبادة، ومعنى القلب في الإسلام.
• معنى العبادة:
قال ابن تيمية في تعريف العبادة:"اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة"(١).
فمفهوم العبادة في الإسلام مفهوم واسع شامل، يشمل العبادات ويتعداها إلى كل ما يصدر من المسلم ما دام يعملها لله.
والعبادة وظيفة الإنسان في هذه الحياة، كما أنها الغاية من خلقه سبحانه للإنسان {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦].
وحياة المسلم كلها عبادة لله -عز وجل-، في جميع جوانبها الخاصة والعامة والاعتقادية والعملية … إلخ. فهو عبد لله في كل تحرك وسكون {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٢ - ١٧٣]. كما أنه لا يتصور أي نشاط إنساني إلا وينطبق عليه معنى العبادة، لكنه مرتبط بإرادة الإنسان من هذا العمل، أي الخضوع الإرادي لله -عز وجل-، وهذا عنوان العبادة الحقيقية. ومعناه أن أي تصرف يعمله الإنسان من التصرفات الاختيارية، أو الاضطرارية، لِيصبح هذا التصرف عبادة لله -عز وجل-؛ إذا ابتغى به وجهه سبحانه وجاء في رضاه متّبعًا فيه سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
(١) العبودية، المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: ٧٢٨ هـ) المحقق: محمد زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة: السابعة المجددة، ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م (هذه الرسالة مطبوعة أيضًا ضمن "مجموع الفتاوى" ١٠/ ١٤٩، وفي "الفتاوى الكبرى" ٥/ ١٥٥) ص (٤٤).