للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - الجسم «وعن جسمه فيما أبلاه»]

الإنسان روح وجسد، ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، أما الجسد فمخلوق من عناصر الأرض، والتحليل العلمي يثبت ذلك، موافقاً لما جاء به القرآن قال الله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: ٥٥].

والجسد مادي أمرنا بالتدبر فيه ودراسته، وما زال الإنسان يكتشف قوانينه على مر العصور عن طريق العلم، أما الروح فهي سر إلهي لا يعلمها إلا الله، فَقِه ذلك من كان قبلنا، من اليهود، وتحدث القرآن والسنة عنه،، ولذلك فمن العبث البحث في كنه الروح، إلا ما جاء به الوحي من القرآن والسنة، ولا شيء غيره، أي أن الروح ستظل سراً من أسرار الله تعالى إلى يوم القيامة.

فالإنسان في الإسلام ليس مادياً فقط، ولا روحانياً فقط، فهو ليس بحيوان، ولا بمَلَك. وسميت الروح روحاً لحصول الحياة بها (١).

والروح ذات تأثير مباشر على الجسد، من الحركة، والحس، والإرادة، ولهذا جاء اللفظ في الحديث: «وعن جسمه فيما أبلاه»؛ لأن الجسد أداة يتحكم بها نفس الإنسان، وروحه تُسَيِّر الجسد كيف يشاء في الخير والشر، ولذا كان الحساب عليه.

إن من أعظم عطايا الرحمن للإنسان الإرادة، وهي الصفة التي من أجلها


(١) ابن القيم، الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة، ص ٢١٨.

<<  <   >  >>