للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - العلم «وعن علمه في ما فعل»]

العلم التام الكامل صفة من صفات الله -عز وجل-، ولا تكون بمجموعها إلا له -سبحانه وتعالى-؛ لأن العلم واسع غير محدود، ولا يمكن أن يُعطَى بمَجْمُوعِه لمخلوق، بل هو صفة لله وحده، قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥].

ووهب الله الإنسان جزءاً من هذه القوى العلمية للجنس الآدمي كله، فكلٌ ينهل من هذا العلم بما آتاه الله من الوسائل والقدرات، فالإنسان ناهل وكاسب منه، أوتي في أصل خلقه من المواهب والقدرات العقلية ما يجعله قادراً على كسب شيء من هذا العلم، وكلما أوتي نصيباً منه ظهر له المزيد.

الإنسان بهذه القوى العلمية غير محدود الرغائب، ولا محدود العلم، ولا محدود العمل، يولد ضعيفاً جاهلاً، لا يدفع عن نفسه شيئاً، ثم ما يلبث أن يتعلَّم، بما وهبه الله من الإلهام والعلم، شيئاً فشيئاً، حتى تكتمل قواه، فيكون له سلطانٌ بهذا العلم، وما يكتسبه من المهارات على كل الكائنات حوله، فيسخرها الله له بهذا العلم، ويذللها حتى تكون طوعاً له.

ثم الناس درجات مختلفة في طلبه، كل بما سخر عقله له من العلوم المختلفة، فمنهم من كان ذا همة عالية، ومنهم دون ذلك، والعلم دروبه كثيره، ونواياه كثيرة؛ فهو في الخير والشر على حد سواء؛ لذا يحاسب الإنسان عنه يوم القيامة، ولا تزول قدمه حتى يسأل عنه، وإنما ذلك لخطورة استعمال العلم في مجالات الهدم والشر.

<<  <   >  >>