للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأعمال القلبية ما هو مرتبط بالآخرين ومن حوله، مثل التواضع: وهو عمل قلبي يظهر أثره على الجوارح، ويبطله ويفسده الكبر، والكبر هو تعاظم في القلب يظهر أثره على الجوارح، وهذا يدل على اختلال عبادة التواضع -وهي عبادة قلبية- لداء الكبر، ومعلوم أن الكبر مانع من دخول الجنة (١).

• والعبادات القلبية أعظم من عبادات الجوارح أجرًا عند الله -عز وجل- ومثوبة:

وقد كان كثير من السلف يفضلون عبادات القلب على الإكثار من عبادة الجوارح، مع عدم إهمالهم لعبادات الجوارح، كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- يقول: "تفكر ساعة خير من قيام ليلة"، (٢) وقيل لأم الدرداء -رضي الله عنها-: أي عبادة أبي الدرداء أكثر؟ قالت: "التفكر والاعتبار" (٣).

ووصف لسعيد بن المسيب -رحمه الله- عبادة قوم أنهم يصلون بعد الظهر إلى العصر قال: "إنما العبادة التفكر في أمر الله، والكف عن محارم الله"، (٤) وهو لا يقصد أن يزهّد في صلاة النافلة، وإنما أراد أن يلفت أنظارهم إلى عبادة يغفلون كثيرًا عنها وهي: التفكر.

• والعبادات القلبية محركة ودافعة للجوارح:

فكلما عظم الإيمان، والتوحيد، ومحبة الله في القلب؛ كان ذلك دافعًا للجوارح للعبادة، يقول عتبة: "من عرف الله أحبه، ومن أحبه أطاعه". فإذا وُجِد الإقبال والمحبة في قلب العبد؛ أقبلت جوارح العبد، وهان عليها التعب في الطاعة والعبادة.


(١) «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» أخرجه مسلم في صحيحه (١/ ٩٣ رقم ١٤٧).
(٢) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (١/ ٢٦١ رقم ١١٧)، وروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- والحسن البصري نحوه.
(٣) الحلية (٧/ ٣٠٠)، والزهد لابن المبارك (٢٨٦).
(٤) سير أعلام النبلاء (٤/ ٢٤١).

<<  <   >  >>