(أ) الجهل بالشرع بالكلية، فلا يكاد المسلم أن يعرف من دينه ما تقوم به عبادته والعياذ بالله. أو أن يعرف الشيء اليسير من العبادات، فلو سألته ما أركان الصلاة وما واجباتها وما سننها وما الفرق بينها؟ لما استطاع أن يجيبك، ناهيك عن أمور العقيدة؛ كمعرفة حق الله عليه، ومعرفة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومنزلة السنة من الشرع؛ وهذا ما يقع فيه كثير من الشباب الجهل في أصول دينهم؛ وهو السبب الرئيس في إنكار بعضهم للسنه، ليدفع عن نفسه الحرج من الوقوع فيما ثبت تحريمه بالسنة، وما علم أنه لو فعل المحرم دون إنكار السنة لكان أهون في الذنب. فتارك السنة كافر. ومرتكب المعصية على مرتبة معصيته، فتجده ينكر السنة لأجل سماع الأغاني، أو اقتناء الكلاب في البيوت، وغيرها من المعاصي التي لم تصل إلى حد الكبائر. ولو علم عظم ما وقع فيه من الإثم ما قال ذلك.
كما أن قلة العلم توجب الاشتباه؛ وواسع العلم يعرف من العلم ما يجعل إيمانه ثابت لا تتسلل له الشبهات.
(ب) قلة الفهم: أي ضعف الفهم، وذلك بأن يكون صاحب علمٍ واسعٍ كثير، ولكنه لا يفهم، فهذا تشتبه عليه الأمور.
إن حسن الفهم يقوم على قاعدتين؛ دين متين، وعقل رزين؛ فصاحب الدين المتين ينشد الحق الموافق لكتاب الله وسنة رسوله أينما كان، ولا يجعل شهواته ورغباته حائلًا عن الأخذ بذلك الحق.
وصاحب العقل الرزين يرشح ما يسمع، فلا يقبل كل ما يسمع أو يقرأ حتى يعرضه على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- إن كان له بهما علم، فإن وافقهما قبله، وإن خالفهما تركه، فليس عظم مصدر الكلمة، ولا الدرجة العلمية، ولا المكانة السامية في النفس لقائل ما تجعل الإنسان يسلّم بكل ما يقول ذلك، فالحق أحق أن يتبع، وإن لم يكن قائله في تلك المراتب.