للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك، ويتبع ذلك الانقياد لله بالطاعات وترك المحرمات. هذا بالإضافة إلى المحبة التي تقع في قلب العبد لربه ومعبوده، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل، والصبر واليقين، والإخبات والإشفاق والخشوع، وما إلى ذلك.

إن العبادات القلبية أشق من عبادات الجوارح، لكنها أجمل أثرًا من عبادات الجوارح، بل هي مُجَمِّلَةٌ لعبادات الجوارح؛ فعبادات الجوارح على غاية الأهمية، وهذا أمر لا يُنَازع فيه، لكن عبادات القلب أوقع وأجمل أثرًا، وهذا ما يجده الإنسان في نفسه -إن كان قلبه موصولًا بالله -عز وجل-، كان بعض السلف يقول: مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قالوا: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله والأنس به، والشوق إلى لقائه، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه.

• الأعمال القلبية لا تنفك عن عبادة الجوارح وهي:

كالإخلاص: وهو عمل قلبي، فإذا زال الإخلاص من قلب العبد، وقع في الشرك، أو النفاق الأكبر؛ واضمحل إيمانه شيئًا فشيئًا، وإذا وقع في الرياء؛ فإن إيمانه يختل، وذلك العمل الذي خالطه الرياء يكون باطلًا؛ فالله طيب لا يقبل إلا طيّبًا، كما قَالَ اللَّهُ -تبارك وتعالى- في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (١).

فالله لا يقبل هذه الأعمال التي يخالطها الإشراك: سواء كان ذلك في أول العمل، أو في أثنائه واسترسل العبد معه، فإن ذلك يبطل العمل في هاتين الصورتين، فصارت عبادة العبد الظاهرة: كالصلاة والركوع، والسجود، أو الصيام، أو الزكاة وغير ذلك صار له منها التعب، ثم يعاقب عليها؛ لأنه صرفها لغير الله -عز وجل-.


(١) صحيح مسلم (٤/ ٢٢٨٩ رقم ٢٩٨٥).

<<  <   >  >>