وهناك قسم آخر من الكتب لا يشتمل على جميع أبواب الدين؛ وإنما يشتمل على أكثر الموضوعات، ولا سيما الموضوعات الفقهية، والغالب على ترتيبها أن ترتب على الأبواب الفقهية، فيبدأ بكتاب الطهارة، ثم الصلاة، ثم بقية العبادات، ثم المعاملات، وهكذا سائر الأبواب المتعلقة بالأحكام والفقه، وقد يذكر فيها ما يتعلق بغير ذلك؛ ككتاب الإيمان أو الآداب. وهذه الكتب قد تسمى "سننًا"، وهي الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية، وتقتصر على الأحاديث المرفوعة فقط، لتكون مصدرًا للفقهاء في استنباط الأحكام.
ومنها ما يسمى "مصنفات"، وهي كتب لا تختلف عن "السنن" إلا في كونها تشتمل على الأحاديث الموقوفة والمقطوعة بالإضافة إلى المرفوع. ومنها ما يسمى "موطآت"، وهي كـ"المصنفات" وإن اختلفت التسمية. وهناك كتب اختصت بجمع أحاديث في موضوع معين.
الجمع الموضوعي وجد قديمًا مع جمع السنة في القرون الأولى، وهي الطريقة التأليف التي استعملها أهل العلم في جمعهم للسنة.
ويمكن تتبع تاريخ الجمع الموضوعي من خلال التسلسل التاريخي التالي:
(١) اعتبر العلماء بداية التدوين الرسمي للسّنة النبوية (الجمع الموضوعي) في عصر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، وكان المنهج في هذه الفترة يقوم على وحدة الموضوع، بحيث يجمعون الأحاديث التي تتصل بموضوع واحد، فيجعلونها في مؤلف خاص، ثم جاء من بعدهم فجمع هذه الكتب في مصنفات.
ومن أوائل من صنف: الإمام محمد بن شهاب الزهري -رحمه الله-، بحيث جعل لكل موضوع من موضوعات الدين قسمًا خاصًّا يجمع فيها أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أقوال الصحابة وفتاوى التابعين. مع ملاحظة أن مجرد الجمع للأحاديث في صحف خاصة قد سبق الزهريَّ فيها جماعةٌ من الصحابة؛ مثل: عبد الله بن عمرو بن العاص،