للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك ما قاله عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ للْفَضْلِ ابْنِهِ وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ الضُّحَى: " قُمْ؛ إِنَّكَ لَنَائِمُ السَّاعَةِ الَّتِي يُقَسِّمُ اللهُ فِيهَا الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ، أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا؟ قَالَ: وَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا يَا أَبَتِ؟ قَالَ: زَعَمَتْ أَنَّهَا مُكْسِلَةٌ مُهْرِمَةٌ مُنْسِئَةٌ لِلْحَاجَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ! نَوْمُ النَّهَارِ عَلَى ثَلاثَةٍ؛ نَوْمُ حُمْقٍ؛ وَهِيَ نَوْمَةُ الضُّحَى، وَنَوْمَةُ الْخُلُقِ؛ وَهِيَ الَّتِي رُوِيَ: «قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لا تَقِيلُ»، وَنَوْمَةُ الْخُرْقِ؛ وَهِيَ نَوْمَةٌ بَعْدَ الْعَصْرِ لا يَنَامُهَا إِلا سَكْرَانُ أَوْ مَجْنُونٌ" (١).

وفي ضوء هذه النصوص فإن أفضل وقت لمزاولة الرياضة، إما الصباح باكراً، أو بعد صلاة العصر، وهذا ما كان عليه السلف في مجالس العلم وطلب الرزق؛ مراعاةً لطبيعة وخصائص هذه الأوقات.

إن إغفال هذه الأمور يجعل الإنسان غير منتج، وعالة على غيره، وعبئاً على مجتمعه، فكيف وقد أصبحت هذه ظاهرة تشتكي منها قطاعات المجتمع كافة، من الأسرة والمدرسة والعمل؟ فالأباء يشتكون من أبنائهم، والأبناء يشتكون من الأباء، وأرباب العمل تكثر شكواهم من عدم إنتاجية موظفيهم، بل الزوجات تكثر شكواهن من هروب أزواجهن ليلاً إلى مناطق اللهو أو حتى الاستجمام، بعيداً عن بيوتهم، فنتج عن ذلك أمراض كثيرة مادية وإجتماعية ونفسية، في المجتمع، إن لم تعالج؛ تثقيفاً وعلماً، بجهودٍ رسمية، وغير رسمية؛ فإن الخطر عظيم.

لابد من تنظيم الوقت ومراعاة ما أمر الشرع به، فإن الشارع أعلم وأحكم وأقدر من ينظم ذلك، انظر إلى الصلوات الخمس التي قال عنها الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]، فأوقاتها تتبع هذا البندول، وتتفاعل مع الضوء والظلمة، فيها مراعاة العمليات التي تحدث في أجسامنا، فأوقات الصلاة


(١) الدينوري، المجالسة وجواهر العلم، ٥/ ٢٢١ ح ٢٠٤٧.

<<  <   >  >>