والتعديل والعلل على الأحاديث، ولا بأس أن يطيل الباحث هنا النَّفَس في قضايا الصحة والضعف والمتابعات، والرفع والوقف، وزيادات الثقات والشذوذ والإدراج، وإزالة الإشكال والتعارض الظاهري في دلالاتها، كل هذا ضمن حدود ما يخدم غاية بحثه، وهو متون ودلالات الأحاديث، بمعنى أن يلجأ الباحث إلى أدوات المحدثين وما تقتضيه أصول الصناعة الحديثية، بحيث يرجِّح من الأسانيد والألفاظ والدلالات بحسب تلك الأدوات، فيكون واضحًا أمامه "القدر المشترك والمتفق" من الروايات والألفاظ التي رجّحها الباحث، بعد أن دفع التعارض والإشكال، وربط الأحكام بعللها، فتكون النتيجةُ حفظَ الوحدة الموضوعية للحديث النبوي.
• بناءُ النظرية الشاملة التي ينتظم عقدها جميع المعاني السالفة، واستنتاجُ الموقف النبوي العام الذي تقع تحته جميعُ التَّفاصيل، وفهم الرابط الذي يجمع المفردات التي استقرأها الباحث واعتمد عليها في المرحلة الثانية والثالثة، فهي المرحلة الختامية، والأهم في العمل الموضوعي، التي سيربِطُ فيها الباحثُ نتائجَ بحثه الحديثي الموضوعي، بمنطلقه الأول من النظريات النبوية والإشكاليَّات التي ابتدأ بحثه منها، وسيعرض نتائجه التي خلص إليها، ويوضِّح الإجابة الموضوعية المستمدة من الهدي النبوي عن تلك الإشكاليّات، ويعقد الموازنات فيما بينها، مستفيدًا من آراء من سبقه من الفقهاء والمحدثين والشُّراح، فتكتمِلُ بذلك عناصرُ البحث، وتصل الرحلة إلى محطتها النهائية.
ولعلَّ هذه المرحلة هي أمتع المراحل؛ لأنها مرحلة جني الثمار وحصاد الجهود، فيها يتنقل الباحث من النظر إلى التطبيق، ومن القواعد إلى النتائج، لذا فإن الحذر الشديد والتأني في إطلاق الأحكام مطلوب في هذه المرحلة، بأكثر مما هو مطلوب في سائر المراحل؛ لأن الخطأ في القواعد والأصول أخطر من الخطأ في