التاريخية رصدًا وتقويمًا وتعليلا. ولا يمكن لهذه العملية أن تقوم إلا بعد الانتهاء تمامًا من الوظيفة الاستردادية التي تعتبر لبنة الأساس، وغير هذا يعد ضربًا من التيه المعرفي، وهو ما أصاب مع الأسف كثيرًا من أحداث تاريخ أمتنا من الاختلاط وعدم وضوح الرؤية .. !
ولعل أحسن من عبر عن هذا التصور المنهجي الأستاذ رشدي فكار الذي قسم المنهج التاريخي إلى قسمين:
أولا:"المنهج التاريخي كطريقة بحث" وهو الذي يعنى بالتأريخ للعلوم جميعها عبر التساؤلات الثلاثة: كيف نشأ؟ وكيف تطور؟ ثم كيف آل؟.
ثانيا:"المنهج التاريخي كقدرة شرح"، وهذا يخص الدراسات التاريخية، وقد ميز فيه بين ثلاثة مستويات:
(أ) منهج المؤرخ: الذي يعتمد على كيفية الاحتفاظ بالتسلسل والاسترسال للأفعال والأفكار عبر التاريخ، فهو منهج رصدي.
(ب) منهج عالم التاريخ: الذي يهدف إلى تصحيح التاريخ وغربلته مما علق به من غمط المؤرخين وتذوقاتهم وانتماءاتهم.
(ج) فلسفة التاريخ: التي تعنى بتعليل الواقع والأحداث الصحيحة.
وبصيغة الأستاذ رشدي فكار يمكن أن نقول إن البحث الاستردادي في حقل العلوم الإسلامية هو طريقة بحث تأريخية لما جاد به الفكر الإسلامي عبر الزمن، وهي وظيفة علمية في غاية الصعوبة، لأنها محاولة جادة لاستعادة حقيقة ما جرى من أحداث تاريخية.