الكتابة الإبداعية في الحديث الموضوعي تسعى إلى الغوص في فكرة الموضوع والأحاديث الدالة على هذه الفكرة، مع نَفَس الباحث، وأحاسيسه، ومشاعره اتجاه تلك الفكرة، ومحاولة سبر أغوارها، ومن ثم ترجمة كل تلك المشاعر، وما يدور بداخله عبر كتابة مجموعة من الفقرات المترابطة معًا، ومتسلسلة بشكل قوي، ويجب أن تتمحور تلك الفقرات حول صلب موضوع البحث، ومحاولة كشفها من جميع جوانبه بشمول وإقناع.
وعملية الكتابة الإبداعية تقوم على الإبداع والابتكار، وتختلف طرق التعبير من شخص إلى آخر، ويعتمد القيام بذلك النوع من الكتابة على الموهبة الأدبية، وحب القراءة، والتدريب بشكل مستمر، حتى يتم إتقانها بشكل كبير.
والكتابة الإبداعية ليست بالأمر الهين على الإطلاق، فلكي تتم على وجهها الأكمل يجب أن تكون هناك أجواء خاصة للمساعدة على توليد الأفكار والإبداع في تناول المعطيات الأدبية، التي تساعد على بيان الفكرة بشكل مشوق ومقنع.
كما تحتاج إلى المَلَكة اللغوية والنحوية، ومهارات أدبية، ومزيدًا من الخبرة، وعمقًا علميًّا في دراسة السنة واللغة معًا، وهذه الملكة غالبًا تُولد فطرةً، ثم تتطوّر وتنمو بالتدريب، وسعة الاطلاع.
وأخيرًا فالبحث في الحديث الموضوعي هو عملية تجمع بين العلم الذي يجعل الباحث على قناعة تامة بقدرة الشرع المتمثل بالسنة على حل جميع مشكلات الإنسان، والقدرة العقلية في التخطيط للبحث حتى لا يغفل عن أي أمر تحمله السنة، وأن يكون لديه الأسلوب الإقناعي الإبداعي، الذي تبرز فيه شخصيته وأسلوبه، حتى إنك قد تتعرف على الكاتب من أسلوبه في الطرح قبل قراءة اسمه؛ لأنها إبداع، وليست تقليدًا، فأسلوب الألباني يختلف عن الشيخ أحمد شاكر، والحافظ ابن حجر يختلف عن بدر الدين العيني، وعن الذهبي فكلٌ منهم مبدع، وكلٌ له أسلوبه الإبداعي الإقناعي.