ونستطيع أن نسمي من علماء السلف من بعد الصحابة المئات أمثال: الحسن البصري، والأئمة: مالك والشافعي وأحمد، وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وإسحق بن راهويه، وابن خزيمة، والليث بن سعد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود ... وغيرهم كثير. ومذهب السلف الصالح هو مذهب أهل السنة والجماعة، وهو يقوم في باب أسماء الله وصفاته على ثلاثة أصول:
الأول: الإيمان بكل الأسماء والصفات التي أثبتها الله لنفسه، أو أثبتها له رسوله، ونفى كل ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهذا أمر بدهي، فالمسلم يعلم أن الحق ما قرره العليم الخبير، وأنه لا أحد أعلم بالله من الله {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}[البقرة: ١٤٠].
وليس بعد الله أعلم بالله من رسوله {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣ - ٤].
وقبيح بالمرء أن يقول له الرب: لي سمع وبصر ورحمة ويد، فيقول له: ليس لك سمع، ولا بصر، ولا رحمة، ولا يد، والسلف يثبتون هذه الصفات إثباتًا من غير تحريف، ولا تمثيل، ولا تكييف، ولا تعطيل.
الثاني: تنزيهه جل وعلا عن مشابهة صفاته بصفات خلاقه، فالله تعالى لا تشبه ذاته ذوات المخلوقين، وكذلك صفاته، كما قال تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص: ٤].
وهذه الآية دلت على الأصل الأول والثاني فقوله:{لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} تدل على أن صفاته لا تشبه صفات خلقه، وقوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١].