للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدا غرض التشريع بطبيعة الحال- فليس البحث إذن عن صور تجمع وترتب، ولكن عن قاعدة تكشف وتبرز، ذلك توفيق لم أكن أتطلّع إليه، حتى التقيت به) (١).

ويقول: (التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن، فهو يعبر بالصورة المحسّة المتخيّلة عن المعنى الذهني والحالة النفسية وعن الحادث المحسوس والمشهد المنظور، وعن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة أو الحركة المتجددة، فإذا المعنى الذهني هيئة أو حركة وإذا الحالة النفسية لوحة أو مشهد، وإذا النموذج الإنساني شاخص حيّ، وإذا الطبيعة البشرية مجسّمة مرئية. وأما الحوادث والمشاهد، والقصص والمناظر فيردها شاخصة حاضرة فيها الحياة، وفيها الحركة، فإذا أضاف إليها الحوار فقد استوت لها عناصر التخيل فما يكاد يبدأ العرض حتى يحيل المستمعين نظارة، وحتى ينقلهم نقلا إلى مسرح الحوادث الأول الذي وقعت فيه أو ستقع، حيث تتوالى المناظر وتتجدد الحركات، وينسى المستمع أن هذا كلام يتلى ومثل يضرب، ويتخيل أنه منظر يعرض وحادث يقع ... إنها الحياة هنا وليست حكاية الحياة).

أمثلة على نظرية سيد قطب في التصوير الفني:

١ - قوله تعالى: إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ [الملك: ٧ - ٨]. (فهي مخلوقة حي لها صفات الأحياء من البشر فها هي تكظم غيظها فتكاد تميز من الغيظ وتتمزق منه فترتفع أنفاسها من كظمها له فتفور ويسمع السامعون لها شهيقا مرعبا فظيعا) (٢).

٢ - وفي قوله تعالى: وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ


(١) «التصوير الفني في القرآن» ص ٨.
(٢) «في ظلال القرآن» ٦/ ٣٦٣٤ باختصار.

<<  <   >  >>