إن الهدف الأساسي للقرآن الكريم هو تبصير الإنسان بطريق الهداية ودعوته لسلوكها، إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩)[الإسراء: ٩].
وجاءت هذه الهدايات والدعوة إليها بأساليب متنوعة، فمن مخاطبة للفطرة الإنسانية، ومن استدلال بواقع الأشياء المحسوسة، إلى مجادلة عقلية، إلى تذكير بعاقبة الأمم السابقة، إلى لفت نظر إلى واقع القصور البشري .. ولما كان المخاطبون هم جملة الناس بمختلف طبقاتهم وفئاتهم وعلى اختلاف مستوياتهم الفكرية والثقافية، جاء في القرآن الكريم من البراهين والأدلة والأمثال ما يعم الشرائح الاجتماعية على مختلف العصور والبيئات لأن المنطلقات الإنسانية محكومة بالفطرة والعقل والتجارب، وكل ذلك في دائرة المحدود الممكن، لذا كانت قواعد المخاطبات وأسسها العامة تعمّ كل من كان في عصر نزول الوحي ومن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة. وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ٥٤ [الكهف: ٥٤].
وإذا أدركنا هدف القرآن ومنهجه في الخطاب أدركنا أن ورود الآيات الكونية سواء ما يتعلق منها بالآفاق وما يتعلق منها بالأنفس البشرية شيء بدهي أيضا، لأن من فئات الناس المكلفين المخاطبين بالقرآن الكريم من ينصبّ جلّ اهتمامه على هذه الجوانب من مخلوقات الله، ولا بد من إقامة